ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﺷﺘﻰ، ﻛﻠﻬﺎ ﺗﻬﺪﺭ ﺑﺸﺪﺓ، ﻣﺜﻞ ﻋﺠﻼﺕ ﻗﻄﺎﺭ، ﻟﻬﺬﺍ ﺩﻣﻲ ﻳﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﻧﻔﺴﻪ، ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﺯﻭﺑﻌﺔ ﻓﻲ ﺷﺮﻳﺎﻥ. ﺣﻮﻟﻲ ﺃﺭﺽ ﺷﺎﺳﻌﺔ ﻟﻮ ﻧﻈﺮﺕ ﺑﺘﻤﻌﻦ ﺳﻮﻑ ﺗﺮﻯ ﺛﻌﺒﺎناً ﻳﺘﺬﻛﺮ ﻧﻮﺍﺡ ﺍﻟﻔﺄﺭ ﺍﻟﺬﻱ اﻓﺘﺮﺳﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻳﺎﻡ، ﻭﺣﺮﺑﺎﺀ ﺗﻨﻈﺮ ﻟﻠﺮﻳﺢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻔﺦ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ، ﺛﻢ ﺗﺘﺨﻴﻞ ﺻﻮﺕ ﻗﺒﻠﺔ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻓﻲ ﺧﺼﺮ ﺍﻷﺭﺽ ﺍﻟﻌﻄﺸﻰ! ﺃﻣﺎﻣﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺑﻮﺿﻌﻴﺔ ﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﻨﺎﺭ. ﺭﺍﺑﻌﻬﻢ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﺘﺄﻣﻞ اﺑﺘﺴﺎﻣﺔ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ ﺩﺍﺧﻠﻲ. ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﺍﻟﺮﺻﺎﺻﺔ ﺗﺼﺮﺥ ﻣﻦ ﺣﺮﻳﻖ ﺍلاﻧﻌﺘﺎﻕ؛ ﺗﻔﺘﺖ ﻣﺤﺾ ﻏﺒﺎﺭ.. ﻫﻜﺬﺍ ﺃﺭﺍﺩﺗﻨﻲ ﺍﻟﺮﻳﺢ ! ﺃﺷﻌﺮ ﺑﺄﻥ ﺻﺪﺭﻱ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﺃﻥ ﻳﻠﺘﻘﻂ ﺃﻧﻔﺎﺳﻪ، ﻭﺃﻥ ﻳﺮﺗﺐ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ، ﻭﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺗﺰﺍﺣﻤﻪ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﻫﺐ ﺃﻋﻤﺎﻗﻪ. ﺃﺣﺮﻙ ﻳﺪﻱ ﻣﺤﺎﻭﻻً ﺗﺮﺗﻴﺐ ﻗﻤﻴﺼﻲ، ﻭﺃﻧﻈﺮ ﺧﻠﻒ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺃﺧﻔﻴﻪ ﺇﻟﻰ ﺑﻨﺖ ﺭﺃﺳﻬﺎ ﻣﺪﻭﺭ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻘﻤﺮ، ﻭﺷﻌﺮﻫﺎ ﻇﻼﻝ ﻏﺎﺑﺔ اﺳﺘﻮﺍﺋﻴﺔ، ﻭﺟﻬﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺣﻴﻦ ﺗﺤﺪﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻠﻴّﺎً. ﺭﺗﺒﺖ ﺃﻓﻜﺎﺭﻱ ﺑﻘﺪﺭ ﻣﺎ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ، ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﺜﻞ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﺪ ﺗﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﺴﺤﺎﺏ ﻋﻜﺲ ﻣﺎ ﺗﺸﺘﻬﻲ ﺍﻟﻌﺎﺻﻔﺔ، ﻭﺟﻠﺴﺖ ﻫﺎﺩﺋﺎً ﺭﺯﻳﻨﺎً ﺑﺎﻟﻘﺮﺏ ﻣﻦ ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ، ﻭﻣﺎ ﺇﻥ ﺳَﺮَﺕْ ﻓﻲ ﺭﻭﺣﻲ ﺍﻟﺸﺠﺎﻋﺔ ﻷﺗﻜﻠﻢ؛ ﻭﺟﺪﺗﻨﻲ ﺃﺿﻊ ﻳﺪﻱ ﻓﻲ ﻛﺘﻔﻬﺎ، ﻭﺟﺪﺗﻬﺎ ﺗﻀﻊ ﻳﺪﻫﺎ ﻓﻲ ﻛﻔﻲ، ﺭﺃﻳﺘﻬﺎ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻲّ ﻭﺑﺎﻟﻜﺎﺩ ﺗﻜﻠﻤﺖ ﻭﺑﺎﻟﻜﺎﺩ ﺗﻜﻠﻤﻨﺎ.ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺗﻨﻬﺾ، ﺛﻮﺑﻬﺎ يملأ ﻋﻴﻨﻲ.. ﺗﺪﻭﺭ ﺣﻮﻝ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﺜﻞ ﺩﺭﻭﻳﺶ، ﺗﺪﻭﺭ ﻓﻮﻕ ﺷﻔﺎﻓﻴﺔ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ، ﻭﻳﻐﻨﻲ ﺍﻟﻨﻮﺭ. ﻫﻜﺬﺍ ﺗﻜﻮﻥ ﺇﺫﺍ ﺗﺨﻴﻠﺘﻬﺎ.ﻛﻨﺖ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻘﻒ.. ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﺃﺷﺠﺎﺭ ﻣﻴﺘﺔ، ﻭﺣﻮﻟﻲ ﻛﺘﺐ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﺸﻬﺪ ﺑﺄﻧﻲ ﻣﻬﺮﻃﻖ ﻭﺃﻧﻨﻲ ﺷﺎﻋﺮ ﺫﺑﺢ ﻣﺰﺍﺝ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭ ﺑﻘﺼﻴﺪﺓ، ﻭﻳﺮﻳﺪ ﺗﻘﺪﻳﻤﻲ ﺿﺤﻴﺔ ﻓﻲ ﺿﺮﻳﺢ ﻭﺟﻬﻪ ﺍﻟﻌﺎﺑﺲ. ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ: ﻛﻨﺖ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺴﻘﻒ، ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﻣﻘﺒﺮﺓ ﺃﺷﺠﺎﺭ ﻣﻴﺘﺔ ! ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻌﻮﺩ ﺭﺑﻄﺖ حبلاً ﺑﻼستيكياً ﻟﻮﻧﻪ ﺃﺣﻤﺮ; ﻫﻮ ﻟﻮﻥ ﺩﻣﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻮﻑ ﻳﻬﺮﺏ ﺛﺎﻗﺒﺎً ﺟﻠﺪﻱ، ﺇﺫﺍ ﻭﻗﻌﺖ ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ ﺍﻟﺰﺑﺎﻧﻴﺔ. ﻓﺘﺤﺖ ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﺬ ﺣﺘﻰ ﺗﺪﺧﻞ ﻋﺒﺮها ﺍﻟﻤﻼﺋﻜﺔ، ﻭﻓﺘﺤﺖ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺃﻳﻀﺎً; ﻭﺭﻏﻢ ﻫﺬﺍ ﻟﻢ ﻳﺪﺧﻞ ﺍﻟﻨﻮﺭ، ﺑﻞ ﺗﻜﺜﻔﺖ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ ﺃﻛﺜﺮ. ﻋﻠﻤﺖ ﺄﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻣﺨﻠﻮقاً ﻳﻤﻨﻊ ﺑﻮﻗﻮﻓﻪ ﺍﻟﻀﻮﺀ، ﺃﺷﻌﺮ ﺑﻪ ﻳﺮﺍﻗﺒﻨﻲ ﻭﻳﺒﺘﺴﻢ. قدماي ﻓﻮﻕ ﺍﻟﺪﺭﺝ ﺗﻜﺘﻢ ﺧﻄﻮﺍﺗﻬﺎ، وﺗﺘﺮﻗﺐ ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ ﻟﺘﺪﻓﻌﻪ ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻨﻲ ﻟﺘﺠﺮﻧﻲ ﺍﻟﺠﺎﺫﺑﻴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻬﺎﻭﻳﺔ. ﺗﺘﻜﺎﺛﻒ ﺍﻟﻌﺘﻤﺔ ﺃﻛﺜﺮ، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻟﺒﺎﺏ ﺃﻏﻠﻖ، ﻟﻜﻨﻪ ﻣﻔﺘﻮﺡ، ﺧﻄﻮﺍﺕ ﺃﺭﺍﻫﺎ ﺗﺘﺮﻙ ﺃﺛﺮﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﺠﺎﺩ ﻭﻟﻮ ﻟﺒﻌﺾ ﺍﻟﻮﻗﺖ، ﻭﺷﻌﺮﺕ ﺑﻴﺪﻳْﻦ تمسكان ﺑﺎﻟﺪﺭﺝ، ﺛﻢ ﺑﻘﻮﺓ ﺗﺴﺤﺒﻪ ﻋﻦ ﻗﺪﻣﻲ. ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﺃﻧﺎ ﺃﺗﺪﻟﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺒﻞ ﺍﻷﺣﻤﺮ ﺟﺤﻈﺖ ﻋﻴﻮﻧﻲ ﻭﺗﻤﻨﺖ ﺑﺸﺪﺓ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻋﻤﻴﺎﺀ ﻣﺜﻞ ﺍﻷﻧﻒ، ﻭﺃﻥ ﺗﺘﻨﻔﺲ، ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺠﺪ ﺇﻻ ﺃﺷﻌﺔ ﻗﺎﺳﻴﺔ ﺗﺆﺫﻱ ﺇﻧﺴﺎﻥ ﺍﻟﻌﻴﻦ، ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺃ ﻳﺘﺮﻗﺐ ﺧﺮﻭﺝ ﺍﻟﺮﻭﺡ. اﺑﺘﻠﻌﺖ ﻗﺪﻣﺎﻱ ﺃﺻﺎﺑﻌﻬﺎ، ﻭاﻧﺪﻣﺠﺘﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﻕ ﻭﺍﺣﺪﺓ. ﻭﺃﺧﺬﺕ ﺃﺗﺨﺸﺐ. ﻛﻨﺖ ﺃﺗﺨﺸﺐ ﻣﻦ ﺃﺳﻔﻞ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻠﻰ، ﻭﺃﺧﺬﺕ ﻣﻔﺎﺻﻠﻲ ﻭﻋﻈﺎﻣﻲ ﺗﺼﺪﺭ ﺻﻮﺗﺎً ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﺤﺪﺛﻪ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﺴﺮ ﻏﺼﻨﺎ،ﺛﻢ ﺭﺃﻳﺘﻨﻲ ﺃﺣﺪ ﻋﻴﺪﺍﻥ ﺍﻟﺴﻘﻒ، ﻭﺳﻤﻌﺖ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻨﺎﻓﺬﺓ ﻳﻘﻮﻝ: ﺍﻟﻨﻮﺍﻓﺬ ﻻ ﺗﺴﻌﻨﺎ! ﺍﻟﺤﺒﻞ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﺗﻌﺮﻱ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺻﺪﺭﻫﺎ ﺍﻟﺸﻮﻛﻲ. ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﻳﺮﺣﻠﻮﻥ ﻭﺩﻣﻲ ﻋﻨﻲ ﻳﺮﺣﻞ، ﻭﻻ ﺯﻟﺖ ﻣﺘﻤﺴﻜﺎً ﺑﺜﻮﺏ ﺍﻟﺮﻭﺡ.ﺍﻟﺒﻨﺖ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻜﺮﻣﻨﻲ ﺑﺤﻀﻮﺭﻫﺎ، ﺗﺠﻌﻠﻨﻲ ﺃﻇﻦ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺃﺟﻤﻞ ﻣﻦ ﺍﻷﻭﺭﺍﻕ ﻭﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ!ﺗﺨﻠﻊ ﻗﻤﻴﺼﻬﺎ ﻭﺗﺠﻠﺲ ﻗﺒﺎﻟﺘﻲ ﻋﺎﺭﻳﺔ ﺍﻟﺼﺪﺭ، ﺛﻢ ﻧﺘﺤﺪﺙ ﻋﻦ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺮﺃﺓ ﺍﻟﻜﺎﻣﻦ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺸﺮﻳﺮ ﻭﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻄﻴﺐ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﻘﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺤﻘﻖ ﺭﻏﺒﺘﻲ ﺍﻟﺪﻓﻴﻨﺔ ﻓﻲ ﻏﻴﺎﻫﺐ ﺍﻟﻼﻭﻋﻲ ﻓﻲ ﺍلاﻧﺘﺤﺎﺭ. ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﻫﻮ ﺃﻧﻨﻲ ﻧﻬﺮﺕ ﺻﻮﺗﻲ ﺍﻟﺠﺒﺎﻥ ﺃﻥ ﺃﺧﺮﺝ، ﻓﺨﺮﺝ ﺯﺋﻴﺮ ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺟﻌﻠﺖ ﻭﺟﻪ ﺍﻟﺪﻛﺘﺎﺗﻮﺭ ﻳﺘﺒﻮﻝ ﻋﺮﻗﺎً! ﻻ ﺯﻟﺖ ﻓﻲ ﺑﻄﻦ ﺣﻮﺕ ﺃﺣﻼﻣﻲ ﻧﺒﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ، ﻭﺍﻷﺣﻼﻡ ﻻ ﺗﺄﻛﻞ ﻟﻲ ﻟﺤﻤﺎً ﻭﻻ ﺗﻜﺴﺮ ﻟﻲ ﻋﻈﻤﺎً.ﺳﺄﻟﺘﻨﻲ: ﻫﻞ ﺃﻧﺖ ﻓﻲ ﻣﺘﻦ ﺍﻟﻨﺺ ﺭﺑﻨﺎ ﺍﻷﻋﻠﻰ؟ ﺻﻮﺍﻋﻖ ﺗﺤﺖ ﺃﻗﺪﺍﻣﻨﺎ، ﻇﻠﻤﺎﺕ ﻓﻮﻕ ﺭﺅﻭﺳﻨﺎ، ﻭﺍﻟﻤﻄﺮ ﻳﺴﻘﻂ ﺣﻮﻟﻨﺎ ﻭﻻ ﻋﻠﻴﻨﺎ. ﻟﺴﺖ ﺇﻻ ﻋﺒﺪاً ﻟﻬﺬﺍ ﺃﺣﻠﻢ ﻭﺍﻷﺣﻼﻡ ﻣﻦ ﺻﻔﺎﺕ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ.ﻛﻢ ﺭﺻﺎﺻﺔ ﺃﻃﻠﻘﻮﺍ ﻋﻠﻲّ.. ﺃﻇﻨﻬﺎ ﺛﻼﺛﺔ.. ﺑﻞ ﻭﺍﺣﺪﺓ.. ﻻ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ.. ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﺗﻌﺜﺮ ﺑﺼﺮﻱ. ﺑﻌﺪ ﺃﻳﺎﻡ ﺳﻮﻑ ﻳﻘﺒﺾ ﺟﻨﻮﺩﻧﺎ ﺍﻷﺷﺎﻭﺵ ﻋﻠﻰ ﺷﺎﻋﺮ ﺃﺣﻤﻖ ﺫﺑﺢ ﺭﻭﺣﻪ ﺑﻘﻠﻤﻪ! ﻭﻟﻦ ﻧﺬﻛﺮ اﺳﻢ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﻷﻧﻪ ﻳﻌﺮﻑ ﻧﻔﺴﻪ: “ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﺒﺮ ﻛﺎﻥ ﻳﻤﺮ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺮﻳﻂ ﺍﻹﺧﺒﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺳﺎﻋﺔ! ﺇﻧﻪ ﺃﻧﺎ، ﺳﻮﻑ ﻳﻘﺘﻠﻮنني ﻓﻲ ﺃﻱ ﻟﺤﻈﺔ، ﻫﻞ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻣﻮﺕ ﺃﺳﺘﻄﻴﻊ ﻛﺘﺎﺑﺔ ﺍﻟﺸﻌﺮ؟ ﻟﻬﺬﺍ ﺃﺧﺎﻑ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﺧﺎﺋﻒ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻧﻮماً ﺃﺑﺪياً ﻻ ﺃﻛﺜﺮ، ﻭﺍﻟﻌﺪﻡ ﺷﻲﺀ ﻣﺮﻳﺢ ﻋﻜﺲ ﻟﺬﺓ ﻭﺟﻊ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ! اﺷﺘﺮﻳﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻛﺎﻥ ﺣﺒﻮﺏ ﺫﺭﺓ ﻟﻠﻄﻴﻮﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺳﻮﻑ ﺗﺄﺗﻲ ﻟﺘﺴﻤﻊ ﻗﺼﻴﺪﺗﻲ ﻭﺗﻨﺎﻗﺸﻬﺎ، ﻟﻮ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻳﻨﺸﺪ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﻟﺤﻀﺮ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ ﻭﻏﺎﺏ ﺍﻷﺣﻴﺎﺀ!ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﻤﻨﺘﺪﻯ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﻲ، وﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﺮﻭﺣﺔ ﺗﻌﻤﻞ، ﻭﻣﻜﻴﻒ ﺍﻟﻬﻮﺍﺀ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻜﺮﺍﺳﻲ ﺍﻟﺨﺸﺒﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻠﻮﻥ ﺍﻟﺒﻨﻲ ﺑﺎﺭﺩﺓ. ﺟﻠﺴﺖ ﻭﺃﺧﺬﺕ ﺃﻧﺜﺮ ﺍﻟﺬﺭﺓ ﻭﺃﻧﺸﺪ ﻗﺼﻴﺪﺗﻲ ﺍﻟﺜﻮﺭية.ﺣﻄﺖ ﺍﻟﻄﻴﻮﺭ ﻓﻮﻕ ﺍﻟﻄﺎﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻜﺮﺍﺳﻲ ﻭﺗﺒﺮﺯﺕ ﺃﻳﻀﺎً، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻘﻂ ﺍﻟﺤﺐ ﻭﺗﺴﻤﻊ ﺍﻟﺸﻌﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻟﻘﻴﻪ ﻭﺃﻧﺎ ﻓﺮﺣﺎﻥ! ﺣﺘﻰ جاءﺕ ﻋﺎﻣﻠﺔ ﺍﻟﻨﻈﺎﻓﺔ ﻭﺷﺘﻤﺘﻨﻲ ﺑﻠﻐﺘﻬﺎ ﺍﻷﺟﻨﺒﻴﺔ. ﻟﻢ ﺃﻓﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﻧﻐﻤﺔ ﺻﻮﺗﻬﺎ ﺍﻟﺒﺬيء، ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺘﺪﻯ ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻛﻨﺖ ﻭﺍﻗﻔﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ؛ ﻛﻨﺖ ﺃﺑﻌﺪ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﻋﻦ ﺭﺅﻭﺱ ﺃﺻﺎﺑﻌﻲ. ﻛﺎﻥ ﻟﻠﻐﺒﺎﺭ ﻫﻴﺌﺔ ﺍﻟﻨﻤﻞ، ﻛﻨﺖ ﻛﻠﻤﺎ ﺩﻫﺴﺘﻪ ﻳﻠﻮﺙ ﺣﻮﺍﻑ ﺑﻨﻄﺎﻟﻲ! ﺭﺃﻳﺖ ﺛﻼﺛﺔ ﺟﻨﻮﺩ ﻳﺮﻛﻀﻮﻥ ﻧﺤﻮﻱ، ﻭﺣﺎﻭﻟﺖ ﺃﻥ ﺃﻫﺮﺏ ﻣﻨﻬﻢ ﻧﺎﺩﻭﻧﻲ ﺑﺼﻮﺕ ﻭﺍﺣﺪ: (ﺛﺎﺍﺍﺍﺑﺖ ، ﻣﻜﺎﻧﻚ) ﺃﻭﻻً: ﺃﻃﻠﻘﻮﺍ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻬﻮﺍء.ﺛﺎﻧﻴﺎً: ﺃﻃﻠﻘﻮﻫﺎ ﻋﻠﻲّ. اﺭﺗﻤﻰ ﺟﺴﺪﻱ ﺍﻷﺣﻤﻖ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺭﻏﻢ ﺃﺷﻴﺎﺀ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺗﻘﻮﻝ ﻟﻲ:اﺭﻛﺾ ﻭﺗﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﺤﻴﺎ . ﻟﻢ ﻳﺼﻴﺒﻮﻧﻲ ﺣﺘﻰ ﺍلآﻥ. ﺃﻣﺴﻜﻮﻧﻲ ﻭﻗﻴﺪﻭﻧﻲ ﺑﺤﺒﻞ ﻟﻮﻧﻪ ﺃﺧﻀﺮ، ﻟﻢ ﺃﺳﺘﻐﺚ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺣﻮﻟﻲ ﻳﺘﻔﺮﺟﻮﻥ! ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ اﺳﺘﻐﺜﺖ ﻟﻬﻢ; ﺧﻔﺖ ﺇﻥ ﺻﺮﺧﺖ ﺍﻟﻨﺠﺪﺓ، ﺃﻻ ﻳﻔﻌﻠﻮﺍ ﺫﻟﻚ!. ﻛﻨﺖ ﺳﻮﻑ ﺃﻓﻀﺢ ﺿﻌﻔﻬﻢ ﻭﺃﺯﻳﺪ ﻣﻦ ﺷﻌﻮﺭﻫﻢ ﺍﻟﻌﻤﻴﻖ ﺑﺎﻟﻘﻬﺮ!.. ﺭﻣﻮﻧﻲ ﻓﻲ ﻋﺮﺑﺔ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﻣﺜﻞ ﺟﺜﺔ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻛﺮﻣﻮﻧﻲ ﺿﺮﺑﺎً! اﻧﻄﻠﻘﺖ ﺑﺴﺮﻋﺔ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻐﺒﺎﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﺧﻠﻔﻬﺎ ﻳﺨﻠﻖ ﺃﺷﺒﺎﺡ ﻣﺮﻋﺒﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺭﻋﺒﻨﻲ ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ. ﺃﻧﺰﻟﻮﻧﻲ ﻣﻨﻬﺎ وﺃﻟﺒﺴﻮﻧﻲ ﻣﻼﺑﺲ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ. ﻛﺎﻧﺖ ﺭﺍﺋﺤﺘﻬﺎ ﻧﺘﻨﺔ ﻭﻛﺄﻧﻬﻢ ﻧﺰﻋﻮﻫﺎ ﻣﻦ ﺟﺜﺔ! ﺃﻣﺮﻭﻧﻲ ﺃﻥ ﺃﻗﻒ ﻫﻨﺎﻙ، ﻭﺃﻥ ﺃﻟﺘﻔﺖ ﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻭﻋﻨﺪﻣﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﺫﻟﻚ ﺭﺃﻳﺖ ﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﺗﺤﻤﻞ ﺍﻟﻤﺼﻮﺭﻳﻦ ﻭﺍﻟﻤﺬﻳﻌﻴﻦ ﺗﺼﻞ ﺇﻟﻴﻨﺎ.ﺃﻋﻄﺘﻨﻲ ﻣﺬﻳﻌﺔ ﻇﻬﺮﻫﺎ ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻜﺎﻣﻴﺮﺍ ﺃﻣﺎﻣﻬﺎ ﺗﺼﻮﺭﻫﺎ ﻭﺗﺼﻮﺭﻧﻲ ﻗﺎﻟﺖ: ﺃﻋﺰﺍﺋﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ ﺍﻟﺸﺮﻓﺎﺀ ﻧﻨﻘﻞ ﻟﻜﻢ الآﻥ ﻭﻗﺎﺋﻊ ﺇﻋﺪﺍﻡ ﺍﻟﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﺨﺎﺋﻦ، ﺍﻟﺬﻱ ﺷﺘﻢ ﻗﺎﺋﺪﻧﺎ ﺍﻟﺮﺍﺋﻊ ﻓﺘﺎﺑﻌﻮﺍ ﻣﻌﻨﺎ: ﺍﻟﺠﻨﻮﺩ ﺑﺒﺮﻭﺩ ﻳﺴﺪﺩﻭﻥ ﺑﻨﺎﺩﻗﻬﻢ ﻧﺤﻮﻱ، ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﻤﻮﺕ يقف ﺑﺠﻮﺍﺭﻫﻢ اﺑﺘﺴﻤﺖ ﺇﻟﻴﻪ، ﻛﺎﻥ ﺟﻤﻴﻼً !
* قاص من السودان
