غوايات

وأخْتَصِرُ الرِّيَاحَ بِزْهَرَةٍ أُوْلَى

 

إلى ر. و”

 

يُسْتَفَادُ مِنَ الرَّحيلِ مَدَائِنٌ أُخْرَى،

وذَاكْرَةٌ يُحَاصِرُهَا الزِّحَامْ.

ويُسْتَفَادُ من النَّدَى أُرْجُوحَةُ الأَلَقِ الْمُقِيمِ

يَرَاعَةُ الْمَاءِ الَّتِي حَطَّتْ،

ومُتَّسَعٌ لِبِلَّوْرِ الغَمَامْ.

ومن رُقَيَّةَ يُسْتَفَادُ رَحِيقُها الوَطَنِيُّ،

أَيْدِيهَا،

مُظَاهَرَةُ العَصَافِيرِ الَّتي مَا بَيْنَ عَيْنَيْهَا،

تُمَهِّد للكَلامْ.

ولا أُحَدِّثُ لا أُحَدِّثُ لا أُحَدِّثْ

رُبَّمَا يَنْتَابُنِي وَتَرُ الجُّنُونِ فَيَهْرُبُ الشُّعَرَاءُ

أَوْ فَجْأَةً

تَجْتَاحُ أَوْرِدَةَ الغِنَاءِ قَصِيدَةُ الْحُمَّى

فَيَنْفَلِتُ الزِّمَامْ.

لِذَلِكَ أَسْتَجِيبُ لِرَغْبَةِ الأَنْهَارِ فِي جَسَدِي

وأَخْتَصِرُ الرِّيَاحَ بِزَهْرَةٍ أُوْلَى

لأَسْطَعَ فِي الْمَقَامْ.

فَمِنْ رُقَيَّةَ مَا يُضِيفُ إلَى الْحَدَائِقِ نَكْهَةً سِرِّيَّةً

مَا يَجْعَلُ القَمَرَ الْمُثَابِرَ – دَائِمَاً-

يَسْهُو قَلِيلاً

حِينَ تُشرِعُ سَاعِدَيْهَا آخِرَ اليَوْمِ

تَفُكُّ قِلادَةَ التَّعَبِ اللَّذِيذِ

وتَنْفُضُ الصَّحْوَ -كَعَادَتِهَا-

لِتَدْخُلَ كَيْ تَنَامْ.

وقَدْ تُضَاعِفُ سِحْرَهَا حِينَاً

ومِنْ تِلْكَ الْمَسَاءَاتِ الْمَلِيئَةِ تَنْتَقِي وَقْتَاً

وتَنْثُرُه مَوَاعِيدَاً مُلَوَّنَةً

وتَذْهَبُ كَيْ تُعَالِجَ بَسْمَةً لِتَصِيرَ سُنْبُلَةً

ولِلدِّفْءِ الْمُجَاهِرِ بِافْتِضَاحِ الدِّفْءِ فِي وَلَهٍ: مَخَدَّتُها

وللنَّبْضِ الْمُخَالِجِ لانْدِيَاحِ النَّبْضِ

أَرْصِفَةُ الْمَسَامْ.

وفِي رُقَيَّةَ مَا يُؤَوِّلُها:

رَحِيقَاً ضَارِبَاً فِي الصَّحْوِ

أَوْ وَجْعَاً

حَرِيقَاً آَخَرَ

غَيْرَ الَّذي اشْتَعَلَتْ غَزَالاً شَارِدَاً في الزَّهْوِ

أَوْ سُحبَاً

تُهَاجِرُ فِي فَضَاءِ الرُّوحِ

أَوْ فَوْضَى

بِغُصْنِ الانْتِظَامْ.

ومِنْهَا مَا يُعِيدُ اللَّوْنَ لِلْغَابَاتِ

يُشْبِهُهَا تَمَامَاً فِي اْلْتِزَامِ الْمَوْجِ

مَا يَجْرِي فَصِيحَاً فِي حَدِيدِ الصَّمْتِ

وهْيَ تُعَانِقُ الْعَمَلَ الْمُرَتَّبَ،

تَقْرَأُ (الْمِيدَانَ) فِي صَمْتِ البَنَاتِ وتَمْنَحُ الأَّيَّامَ

مُنْـزَلَقَاً

ومُنْطَلَقَاً

يُؤَسِّسُ لِلْمَهَامْ.

وقَدْ تُقَطِّبُ حَاجِبَيْهَا؛ لَيْسَ ذَلِكَ فِي إِطَارِ شُرُودِهَا اليَوْمِيّ،

وقَدْ تَبْكِي

لأنَّ حَنِينَهَا يَحْكِي

وقَدْ تَحْكِي

لأنَّ مُرُوجَهَا تَبْكِي

وفي حُلُمٍ تُطَارِدُهَا غَزَالاتٌ لَهَا رَكَضَتْ

وفِي عِشْقٍ تُرَوِادُهَا فَرَاشَاتٌ لَهَا اْنْتَبَهَتْ

ومَا فَتِئَتْ

تُهَاجِسُ أُرْجُوَانَةَ عِشْقِهَا الكُلِّيِّ

مَا برِحَتْ تُدَاخِلُ لَوْنَهَا الْمَنْسِيَّ فِي طُرُقَاتِهَا

أَوْ مَوْتِهَا السِّرِّيَّ فِي (مَارْسِيل)

تُخْفِي دَائِمَاً أَشْجَانَهَا وَقْتَاً

لِتَفْضَحُهَا مَرَايَا وَجْهِهَا القَرَوِيِّ

لِلْغَيْمِ

ولِلْيَوْمِ

وأَسْرَابِ الْحَمَامْ.

ولا أُحَدِّثُ لا أُحَدِّثُ لا أُحَدِّثُ

عَنْ فَضَاءٍ لا يُدَاخِلُ حُلمَهَا،

وعَنِ السُّؤَالاتِ التي تُؤوِي لِذَاكِرَةِ النَّخِيلِ

لِتَشْتَرِي بَوْحَاً يُشَاكِسُ بَوْحَهَا

أَوْ شَهْقَةً للقَلْبِ حِينَ تُطِلُّ

أَوْ وَعْدَاً شَهِيَّاً شَاغِرَاً

لِتَبَادُلِ الذِّكْرَى

وأَحْلامِ الغَمَامْ.

ومِنْهَا مَا يُعَادِلُ شَارِعَاً… أَطْفَالْ

بَالُونَاتٍ مِنْ أَنْقَى حَلِيبِ الإلْفَةِ الأُولَى

تُكَدِّسُها أَصَابِعُ لَوْنِهَا الْمَطَرِيِّ

بِالوَطَنِ الْمَلِيءِ

بِأَنْ يَجِيءَ وأَنْ يِجِيءَ

فَرَاشَةً لِلْحُلُمِ

والزَّمَنِ – الأَمَامْ.

حَاشِيَة

(رُقَيَّةُ) مِهْرَجَانُ السِّحْرِ

آَلِهَةُ السَّلاسَةِ والصُّعُودِ إلَى العِنَاقِ البِكْرِ

أَكْتُبُهَا تَفِرُّ مِنَ الصَّدَى والْحَرْف

أَشْهَدُهَا فَأَغْرَقُ فِي رُعَافِ النَّزْف

هَلْ مِنْ صَوْتْ

هَلْ مِنْ مَوْتْ

يَدْخُلُنِي، لأُدْخِلَهَا

تَمَامَاً فِي حُدُودِ الوَصْف؟

(من ديوان “وأخْتَصِرُ الرِّيَاحَ بِزْهَرَةٍ أُوْلَى” للشاعر – منشورات منتدى مشافهة النص الشعري- أبريل 2014)

 

 

* شاعر من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى