غوايات

رَسَائلُ الكِتمَانِ

 

 

(مِنْ أجلِ إفسَاحِ المَجَالِ للعَـقـِيدَةِ . اضْطُّرِرْتُ لإزَالَةِ المَعْرِفَةِ) .. ايمانويل كانت

(1)

ثُقُوُبٌ تَحْتَ دَوَاةِ الغَيْبِ , تَلِيهَا أَسْمَاءٌ فِيِ قُدْرةِ العِنَادِ عَلىَ مَقبَرَةِ اللُّغَاتِ , تَضِيقُ بِهَا الأَرْضُ الَّتِيِ تَحْمِلُ بَرَاعِمَها فِيِ جَسَدِ امرأةٍ وَحَيدةٍ , إذْ تُمْعِنُ بِبَراعَةِ حِبْرَهَا النَّاهِدِ عِلى عُبُورِ لَذَّةِ البَيَاضِ مِثلَ هَاتِفِ الَّيْلِ المَأهُولِ بِأرْواحٍ تَسْخَرُ مِنْ ثَعلَبِ البَاطِنِ بالمَعِْرفَةِ , وَمِنْ صَحْرَاءِ الغَيْمِ باللاهُوتِ والأحذِيةِ البَالِيَةِ , هِى الحُروبُ المَشْفُوعَةُ بِخَاتمِ الطَّرِيقِ لأجلِهَا , فَبِأىِّ لَمَعَانٍ أُكْمِلُ لَكُمْ دَوْرَةَ الحِبْرِ فِيِ القَصَائِدِ والفَجَائِعِ وَسَهْرَةِ الضَّبَابِ فِي الشَّهَواتِ النَّاقِصَةِ لِعُمْرِ الأَمَلِ ,,

(2)

هِىِ مِنْ شَجَرَةِ المُطْلَقِ ثَمَرَةُ النَّاسِ وَالآلهَةِ , تَغْرِسُ جَذْرَهَا فِي تُرْبَةِ الحُزْنِ وِتجُوسُ كَلامِ البِحَارِ المَغْبُونَةِ , الطالعُ مِنْهَا نَزَقُ الهِيَامِ مِنْ هَوْلِ النِّظَامِ , وَالمَجْرُوحُ سَادِنُ جَهلِها المَوْثُوُقُ بِفِرْيَةِ الدَّمِ , قَالَتها الكوارِثُ وَدَمْدَمَتْ , أنكرَتهَا عَوْرَةُ العَالَمِ فَتَاهَتْ , فَتُهْنَا نَحْنُ أبْناءُ العَتْمَةِ وَطِينَةُ هَمِّهَا , مِثلَ هَذا الانتِظارِ عَلى مَنْبَتِ الوَحْشَةِ وَالغِيَابِِ فِي أثَرِ الطُّوُفَانِ !!

(3)

إذاً هِىَ ..

ثُقُوُبٌ وَاسْمَاءٌ ,

تَصْهَلُ فِيِ الاسْطَبْلاتِ المَشْبُوهِةِ مَعْ حِصَانِ الفَلْسَفَةِ المَرِيضِ ,

تَدُكُّ أحْصِنَةَ المَسَافَةِ بَيْنَ القِسِّ والحِسِّ ,

بَيْنَ العَتْمَةِ والقَلْبِ

بَيْنَ الوَقْتِ وَالنِّسْيَانِ . .

تَدُكُّ الأَمَانَةَ الأثقلِ مِنْ حَدِيدِ العَاَلمِ

وَتَصْبِرُ عَلى الأَذى وَالجَحِيمِ والهِجْرَانِ

(4)

هِىِ الآنِ فِيِ مَعَابِرِ الذَّاكِرَةِ

ثُقُوُبٌ تَـنْدَهُ مَلامِحَهَا

وَأسْمَاءٌ تَعُودُ لِعَاشِقِيهَا !!

(5)

مِثلَ أمُومَةٍ تَحِنُّ لِصَلاةِ البَيْتِ

مِثلَ مَوْتٍ يَرْمِىِ بِالدَّمْعِ شَجَرَةَ اللآلِهَةِ ,

هُوَ الوَجْهُ فِيِ مَرَآياهـْ ,

هُوَالدَّغْلُ فِيِ غَابَاتِ الظَّلامِ يُصَلِّيِ ..

هُوَ الطَّائِرُ الطَّرِيدُ فِيِ الحُقُولِ المَنْسِيَّةِ يَضَع ُفِي سِلالِ الأَمَلِ بَيْضَةَ الأَبَدِ !!

(6)

يَجلِسُ المَعْنَى تَحْتَ شَجَرَةِ الرِّهَانِ قَاصِرَاً عَنْ مَدِّ يَدَيْهِ لِحِرَابِ العِرْفانِ , يَنْهَضُ النُّوُرُ مِنْ صَرْخَةٍ بَعِيدَةٍ لِفَجْرٍ كَسِيِحٍ , وَالطِّفْلُ الطِّفْلُ يُرَدُّ مَحْمُومَاً لِبئْرِ العَدَمِ بِلا أدنَى مِفْتَاحٍ وَعَيْنَاهُ مَهْجُورَتَانِ بِالبَابِ المُعَلَّقِ بِحَبْلِ الأنْوَارِ فِيِ الجِهَةِ المَمْسُوخَةِ بِالتَّعَبِ , يَجْلِسُ الضَّحَايَا تَحْتَ هَجِيرِ المَعْنَى بِانْتِظَارِ طِفْلِ الفَجْرِ عِنْد بِئرِ الرِّهَانِ ..

(7)

وَفِيِ رَسَائِلِ الكِتْمَانِ تَـنْفَجِرُ حُجْرَاتُ الأرْضِينْ .. تـَنْفَجِرُ سَمَوَاتٌ بِلا عَمَدٍ وَأهْوَاءٌ بِسِيقَانِ التَّعَالِيمِ المَـثْـقُوبَةِ , لَيْسَتِ الأوُلىَ فِيِ الضَّيْمِ وَالعَسْفِ , لَكِنَّهَا الآخِرَةُ فِيِ سُلْطَةِ الجِبَالِ وَخِيَانَاتِ الوَدِيعَةِ , يَتَكَلَّمُ غُرَبَاءٌ بِرُوحِ الطَّرِيقَةِ المَيِّـتَةِ , وَيَصْمُتُ غُرَبَاءٌ عَلىَ جُـثَّةِ الفِكْرَةِ الخَامِلَةِ , حَمَـلَةُ وَثَائِقَ مُشَفَّرَةٍ , عَبَدَةُ أحْلامٍ مَوْثُوقَةٍ ، زَنَادِقَةٌ مِنْ قَبيلِ البَذْلِ للاَّمِ الفَتْحَ وَسَدَنَةَ بُكَاءٍ عَلىِ كُنُوزِ المَجَازِ وَالكِتَابِ ..

(8)

فِيِ سِيرَةِ النُّوُرِ تَـنْهَبِكُ الأسئِلَةُ بِحَافِرِ الخَوْفِ , وَتَدُسُّـكَ البَلاغَةُ مِنْ غَضَبِ الطَّبِيعَةِ , مَا كانَ لَعْنَةَ الأسْرَارِ وَمَا سَيَكُوُنُ لَعْنَةَ النِّسْيَانِ ..

(9)

فَلنَبْدَءِ المُبَارَزَةَ فِيِ فَسْحَةِ السُّقُوُطِ . لا قَوْسٌ يَسْـتَحِقَّهُ النَّصْرُ المَهْزُومُ , ولا تَاجٌ سَيَعْـلُو عَلىَ جَبِينِ الصَّدَأ , فَلِلْقَاتِلِ آيَاتُهُ وللضَّحِيَّةِ سَلْوَتُهُ وِلِجَوْقَةِ المُعَزِّينَ رَنِينُهُمُ المَشْفُوعُ بِضَرْبَةِ الهُرُوبِ من الحَلَبَةِ والغُبَارِ , تَبْدَأُ الخَسَارَةُ بأَطْفَالِهَا وَنِسَائِهَا وَشُعَرَائِهَا فَيِ نَهْبِ مَطَامِيرِ الشَّهْوَةِ المُعَطَّلَةِ , فِيِ بِنَاءِ بُيُوتِ الحَسْرَةِ وَعَوامِيدِ العِنَاقِ وَاللذَّةِ الكَاذِبَةِ ..

* شاعر من السودان

الأصمعي باشري

شاعر وصحفي من السودان
زر الذهاب إلى الأعلى