ثمارغوايات

شَرقُ النَّهْر

284160_4680727425726_1603851597_n

الخَامِسَة..

نورُ المدِينَةِ في الفَجر،
البُيُوتُ الصَّغِيرةُ غَافِيةْ..

الشَّوارعُ مَغمُورةٌ بالذِّكريات،
النِّدَاءاتُ في البَعِيد،
أملٌ في  نَسمَاتِ الصَّباح،
نورُ الشَّبابيكِ في الزُّرقَة..

أُلفةُ البابِ لِمرَّةٍ  أَخِيرة..
لَمسَةُ النَّاسِ عندَ الغِيَاب..
..
..

من هُنَاك،
السَّنَوَاتُ مرَّت،
عذوبةٌ أرهقَتهَا الوَدَاعَات،
إلفةٌ مُحتَطَبة..
صبَاحَاتٌ في الضَّنى..
..
..

في القِفَار..
ثمَّة ما يضيءُ الأَسَى..
ثمَّة ما يَحصُبُ المسَافَة ..
ثمَّة نهرٌ وحَكَايَا..
..
..

الخَامِسَة..
رائحةُ الحنَّاءِ في الدُّروب،
الصَّباحاتُ لم تَعد طَرِيقَاً إلى النَّهر..
والأبوابُ لا تَفتَحِينَهَا..
..
..

أنزلُ في المكَانِ وحدي،
لا يزَالُ الفَجرُ نديَّاً،
والبَنَاتُ مخُضَّبَاتٌ بَالحَنَانْ،

لا يزالُ لَيمُونُ البُيُوتِ طَاعِمَاً،
ودُرُوبُ الفَجرِ غَالِيَة..
..
..

الخامِسَةُ في استفَاقَةِ السَّواقي..
نعبرُ الجِسرَ صَوبَ الغِيَاب،
تَقطُنُ الأرواحُ مَهدَهَا..

في الأفقِ الغَارِبِ النَّحِيل..
شرقُ النَّهرِ لم يَعُد آهِلاً بالأمنيَات..

ولا الأملُ ينجو..
..
..

هَا نحنُ من جديد
ننفقُ العُمرَ عَلَى طُرُقاتٍ يَتِيمَة..
نفقدُ الينابيعَ في السَّفَر..
..
..

الخَامِسَة..
بَقَايا الَّليلِ على الإغفاءةِ النَّحيلة،
أعبرُ المدينةَ أنَّةً إثر أُخرى،
أغصُّ بالمَشَارِق..

أصعدُ الباصَ في الأَخِير،
أنظرُ صَوبَ البُيُوتِ البعيدَة..
الشَّبَابِيكُ لا تَزالُ غافية،
الحيشانُ أزاحَت رِتَاجَاتها،
المدينةُ مغمورةٌ بالحَنَان..

يتحرَّكُ الباصُ رُوَيداً رُوَيداً
قهوةٌ الفَجرِ في المَحَطَّاتِ الغَرِيبَة..

ألتفتُ لمرَّةٍ أَخِيرَة..

بيوتٌ لم تعُد هُنَاك،

وحَكَايَا انطَوت..
..
..

 

* شاعر من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى