المكان الذي لا يسع شعرها المنسدل كشلال ناريّ فيضيء
ـ مكانٌ باردٌ.
المكان الذي لا تتفتّح في أحجاره ورودٌ منفلتةٌ بينما هي تبتسم
ـ مكان باردٌ
المكان الذي يظلّ أخرس وهي تطيل التحدّث عن وقفتها أمام مرآتها
ـ مكان بارد.
المكان الذي لا ينزّ عرقاً بينما هي تضع معطفها جانباً
كما تنزع السماء غيمة.
ـ مكان بارد.
المكان الذي لا يطرق طرقات قلبي وأنا أنتظرها
مثلما ينتظر الشّاعر غيمة.
مكان بارد.
أشبه الأمكنة لكنّ لي أفقاً وأنا أتخذها هي، أفقاً.
لا أشبه نفسي للأسف، فقد أضاعتني الأمكنة.
المكان الذي لا صدى به لدائرتها الوسطى
مكان بارد.
كيف تظلّ خاضعاً لهندستك الأولى أيها المكان
وقد وطئتك بنطفها؟
كيف لا تصبح شبيهاً بدائرتها
أيّها المكان البارد؟
المكان الذي لا يرفع يدين رخوتين ليطول رقبتها بحنان
مكان بلا أمل.
الذي لا يلحق اليدين بالنهدين نهائيّاً.
بلا أفق.
الذي لا يحتار بين ثغريها
مكان بلا مكان.
لا أعلى له
ولا شفة سفلى.
تمرة النبيّ مرتعشة تبرق كجمرة في جبل الحائرة
الحائرة التي تملك كلاماً طويلاً عن مرآتها
ولا مكان. لها!
أيها الوطن، ما أنت إلا سرب من الأمكنة الباردة.
فيك لا يمكن لي أن أعبدها.
لا وطني
ولا أنت وطنها!
أيها الوطن البارد حيث تشرد دائرتها
أنت مرآة وقد صمتت عن وجهي
وقد ارتطمتْ نارُها بحيطانك
لا وطن أنت
ولا أنا حبيبها!
Les louves attirent toujours les loups car les loups aiment être mordus par les louves.
La banquiere de Jean Noli
بين الشّفتين اندسسْتُ، كفعل “ابتّل ـ يبتلّ”
كأن يبتلّ ـ حالاً ـ لسان متدلّ من راكض خلف فكرة.
بين الشفتين، لا قوْل ولا فعْل للعطشان.
سوى أن يخلط بين الدم والفكرة.
بين الشفتين ماذا سوف “لن” أقترف؟ هل أترك السّفلى لتعثّر لساني
هل أشعل العليا بضوءين؟
هل أنسى لعق الفكرة؟
بين الشفتين تصادفني روح مغمى عليها
بينهما أتلمّس رضيعاً متخبّطاً في حركته، لساناً لا حروف له.
إذ كلّ الحروف في الحلق.
وكذلك الفكرة.
* شاعر من تونس