ثمارغوايات

الصعود إلى غواغْوا بيتشينتشا

باسم فرات

في الصُّعودِ إلى الجَبَلِ،
كانَ قَميصيَ الأخضرُ قد امتلأَ بالفَراشاتِ
وسِروالي الأزرقُ بالغُيومِ
تَسَلَّقْتُ صُخورًا تَرمي غاباتِها تحتَ خُطُواتي

حينَ صارَ النهرُ تَحتي،
سَمِعْتُ “ياما” تعدو خَلفَها
أفعى تَلدَغُ كَلِماتٍ أجهَلُها

بِلا أَكفانٍ تُدفنُ حَكايا الرعاةِ
مع ابنِ آوَى

كلما مَرَرْتُ بشلالاتٍ عظيمةٍ،
أرى حبيبةَ العاشقِ المسكينِ تَستحمُّ
لهُ شَعرُها ولي ما تَبَقَّى

الطُّيورُ تقتربُ منّي، تُغني قليلاً
وتَأكُلُ من ثِمارِ الأشجارِ التي نَبَتَتْ في قَميصي،
ثُمَّ تَشرَبُ ماءً من سِروالي.

كدتُ أطيرُ بين قِمَّتَين وأسقُطُ في وادٍ مليءٍ بالكَهَنوتِ
عندما غافلتني الطُّيورُ وأنا أعدُّ ألوانَ الفراشاتِ
في شَفَتَيَّ

دَخلتُ كَهفًا،
فتحتُ حَقيبةَ الظهرِ،
امتلأَ المكانُ بالزقزقاتِ

بدأتُ بِتَناوِلِ غَدائي، فَقالَ دَليلي:
الذي يَمُرُّ أمامَنا؟
دَعْها تَمُرُّ، حَياتي تَتَرَصَّدُني، أجبتُه وَدَعَوْتُهُ لِيُقاسِمَني الطَّعامَ.

واصلنا المَسيرَ،
الحَصى والأحجارُ تَتَهاوى تَحتَ قدَمَيَّ،
لا عصا أتكئُ عليها سِوى العُشبِ.

لا أحد سِوانا، أَكَّدَ دَليلي وهو يَتَلَفَّتُ
ابتسمتُ له وأنا أُرَبِّتُ على قُلوبِ أصدقائي
التي تَحرُسُني من هذا العَراءِ المُوحِشِ

راحَ البردُ يختبئُ في جُيوبِنا
وفي عِظامِنا وَجَدَتِ الرّيحُ مُستَقرَّها

حين أنهَكَني التَّسَلُّقُ والمَسيرُ
فَتَحتُ رسائلَ أمي
هَرَبَ الصَّقيعُ مُتَعثِّرًا بالتَّعَبِ.

واصلتُ

لم أنمْ ليلَتي
كان الموتُ يُطلُّ على أنفاسي
تَشَبَّثتُ بقُلوبِ الأصدقاءِ ورَسائلِ أُمّي
فأطلَّتِ الحياةُ شامخةً على امتدادِ عُمري.

ــــــــــــــــ

 

غواغْوا بيتشينتشا: ابن جبل بيتشينتشا، باللغة المحلية الكيتشْوا الجبلية، وهو جبل يحيط بـ كيتو عاصمة الإكوادور.
ياما: هي حيوان اللاما.

 

*شاعر من العراق

زر الذهاب إلى الأعلى