
أيُّها الرَّاحلُ في الَّليْلِ وحيدًا
ضَائعًا مُنْفَرِدًا
أمسُ زَارَتنِي بَواكِيرُ الخَرِيفْ
غَسلَتنِي بالثُّلوجِ
وبإشرَاقِ المُروجْ
* * *
أيُّها الرَّاحلُ فِي الَّليْلِ وحيدًا
حِينَ زَارَتْنِي بَواكِيرُ الخَرِيفْ
كَانَ صيْفِي جَامِدًا
وَجَبينِي بَارِدًا
وَسُكوتِي رَابِضًا
خَلْفَ البُيوتِ الخَشبِيَّةْ
مُخْفِيًا حِيرَتَهُ فِي الشَّجَرِ
وَغُروبِ الأنْهُرِ
وانْحِسَارِ البَصَرِ
لوَّحَتْ لِي سَاعةً
حينَ انصرَفْنَا
ثُمَّ عادَتْ لِي بَواكِيرُ الخَرَيفْ:
حَينَ عادتْ
وَثَبَ الرِّيحُ على أشْرِعَتِي المُنْفَعِلَةْ
سَطَعَتْ شَمْسُ الفَرَادِيسِ على أروِقَتِي المُنْعَزِلةْ
وَمَضَتْ تَحْضُننِي الشَّمْسُ النَّديَّةْ
التي مَا حَضَنتنِي
التي مَا عانَقَتنِي
في الزَّمانِ الأوَّلِ
في الزَّمانِ الغائبِ المُرْتَحِلِ
* * *
انْتَظِرنِي
فأنا أرحلُ في الَّليلِ وحيدًا
مُوغِلاً مُنْفَرداً
فِي الدَّهاليزِ القَصِيَّاتِ انْتَظِرنِي
في العَتَامِيرِ وفي البَحْرِ انْتَظِرنِي
انْتَظِرنِي في حفيفِ الأجنِحةْ
وسَماواتِ الطُّيورِ النَّازِحةْ
حينَ تنهدُّ المَدَاراتُ
وَتَسْوَدُّ سَماءُ البَارِحةْ
انْتَظِرنِي.
1972
انظر أيضاً: