ثمارغوايات

مَشَاهِدُ مِنْ بُسْتَانِ المَرْيَم

حاتم-الكناني

(1)

كُنْتُ زَهْرَةً فِي العَدَم
أُرَبِّي رَائِحَةَ اللوْزِ
وَأُطِفِئُ غَابَاتِ النَّار
قَلْبِي مَفْتُوحٌ لِلأَسَى
وَأَرَى بِالغِنَاءِ
مَا لَا يَرَاهُ الطَّيْرُ فِي أَرْجَائِه..
أَكْنُسُ غُبَارَ حَبِيبِي وَأَرْتَفِع
حَالِمَاً بِخِفَّةِ الكَمَال..
أَكْتُبُ الأَصْدِقَاء
وَسَمَاءٌ كَامِلَةٌ تُلْهِمُنِي..
كُنْتُ..
أَتَعَلَّمُ المُوسِيقَى..
بِعَيْنَيْكِ المَرْيَمِيَّتَيْن.

(2)

يَا مَسَاءَ اللؤْلُؤ..
مِنْ أَيِّ رَمْلٍ أَتَيْتَ؟
أَصَابِعِي مَشْغُولَةٌ بِالمَاء..
وَسَفَرِي أَنْهَكَتْهُ المُحَاوَلَة..
أَسْرِقُ أَيَّامِي مِنْ مَائِدَةِ العَدَم..
فِي الغَدِ الذي مَضَى مُنْذُ أَزَلٍ،
سَأَنْجُو بِالأَمَل.

(3)

بِالأَمْس؛
زَارَتْ نَافِذَتِي سَمَاؤُكِ المَرْيَم
وَحَدَائِقُ بَيْضَاءُ لَا ظِلَّ لَهَا..
كَانَ القَمَرُ نَائِمَاً فِي عَيْنِي..
وَحَمَامَةٌ تُضِيءُ المَسَافَة بَيْنَ المَشْيِ وَالرَّقْص
بِالأَمْس؛
كَانَتِ الحَوَائِطُ تَمِيلُ بِقُبُّعَاتِهَا الشَّمْسِيَّة
لِجَلَالَةِ الشَّجَر..
عِنْدَهَا،
أَوْمَأْتُ لِلِوُجُودِ بَأَنْ يَنْتظِرَ
طَيْفَكِ المُسْتَمِرَّ فِي العُبُور
حَتَّى الآن.

(4)

العالمُ يغرِّدُ أسْرَارَه
بَيْنَمَا أَبْنِي عَاصِفَةً مِنَ الكَلَام..
يَدِي نَهْرٌ يَلْثَغ
وَأَصَابِعِي سُكَّرٌ يَذُوبُ فيها..
حَبِيبِي يَرْسُمُ بِي وَجْهَهُ عَلَى السَّمَاء
وَيُسَمِّينِي عِنَاقَا مُبْتَسِمَاً
يَدِي
يَدُ الدَّهْرِ
وَلِسَانُه العَاشِق.

(5)

أَبْكِي مِن الدَّاخِلْ
وَأُغَنِّي بِرُوحِي
كَصَخْرَةٍ وَحِيدَةٍ فِي النِّسْيَان..
أَنَا الوَرْدَةُ المَهْزُوَمَة
أُعَبِّئ الليْلَ بِالنُّجُوم
وَأَمْلَأُ القَلَبَ بِالسَّهَر
وَأَمُوتُ فِي المَسَافَةِ
بَيْنَ الكَوَاكِبِ
وَالنَّافِذَة.

(6)

عِنْدَمَا يَعْبُرُ النُّعَاسُ سَمَاءَ أَظَافِرِك
تُصَفِّقُ رُوحِي
بَيْنَمَا يَشْتَاقُ جَسَدِي لِلْمِشْنَقَة.

(7)

بِالصُّدْفَة؛
أَرَى عَاشِقَيْنِ
يَشْرَبَانِ مَوْتَهُمَا
وَلَا يَمُوتَان.

 

 

* شاعر من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى