ثمارغوايات

لَسَعَتْكَ الشَّوارِعُ.. لَفظتْكَ البيوت

محمد أحمد علي

ثَكْلتْك البلادُ الرَّحيمة
إلى أين وكيف سَتَعَبُر؟
إنها الجِّهَاتُ الملائمةُ
أم الوقْت نافذة للرحيل؟
إلى أين تنجو؟
سَتَسْفِكُكَ السَّافِكَاتُ
وتنْهَش روحكَ النَّاهِشَاتُ
رويداً رويداً
وتخْنِقُكَ الخانِقاتُ
وفي جوفِ خوفٍ
لا أنتَ يُونسُ ولا كُنْتَ مُنْشَغِلاً بالنُبُوءَةِ
ولا الكيف سيف
ولا الأين طريقٌ سالكةٌ للعبور
الأرضُ دائرةٌ
النفسُ حائِرةٌ
وتمور
أنا الشَّجرُ اليابِسُ
لا ظلَّ ولا ثمر
أنا الريحُ هيِّنةٌ لا تروح
حطَّمَتْ أهازيجَها في السَّفَر
أنا الوحدةُ المسْتَبِدة
جبلٌ مِن الثَّلجِ والنَّارِ
أحْرِقُني دونما وجل أو رماد
إنني الذي يقْطرُ الدَّمُ مِن أنفه كلَّما زَفرَ الكونُ أُمْسِّيةً بائِسة
أنا اليابِسة
كهْلٌ على قريةٍ خرِبة
ولا تجربة
أنا البَحْرُ
يفلتُ الماءَ مِنْ شاطِئيهِ
ويقْتلهُ الحرُّ ثُم يسْكنني الجِّنُ والمِلْحُ وأشْباحُ غَرِيقْ
البلاد: أغوتها نرجسة فشلت في احتضان الندى
صدى اللحن إذ أرانا سماويين
إذْ يُخْلَط الحُب بالرّقْصِ والَّرقْص بالمِقْصَلَة
وهنا الْمسأْلة
أنْ تَدورْ
تَدورْ
تَدورْ
تَدورْ
عَبثٌ
خيبةٌ
وخيانةٌ
دمٌ خاثرٌ في لحاءِ الشجرْ
نفرٌ مصابون بالذات
بالمللِ الكثيف
تسامى أيها الجسد المهترئ
منخور العظام
ولتقف الهشاشة في كهفها الأبدي
بلا حيوان
فالإنسان خاسرٌ
جائرٌ مع الكون/مع نفسه/ مع الكائِنات
جائِر ٌمع كل شيء
وهو فاسدٌ يلعقَه الرَّهَق ويعافه الموت
بات هنا منذ دهور
مُنْهكاً بالنبيذِ وبالهوى
خِرْقَةٌ في كبد
ظلمة يئست من النور
يرقصُ حوله البشر
وترشقه القبور
بقبر شرهٍ.

 

* شاعر من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى