“من قلبٍ خرجتْ آمنة فانسل الشجنُ أمامي”
إرسالية النبض:
النصابون زينوا خيالَ الرائي بالخريفِ،
فانهمر ينهرُ الأرصفةَ بالفاجعةِ تلو الفاجعة.
دار دورتين حول أغنية قديمة وكأس مراق بالجوف،
يشعله..
ولا ينضب،
ثم طار في فضاء الصاعقة.
أحرَقَ ذرتين من بخور جدته المعتق،
ثم أرسل عبر أنفه المسدود برائحة العرق
حلقتين من دخانه
وارتعش خلف عطسةٍ بلا معالم
وقال:
لن تتحطم الأجساد
إذ تعدو فوق جسر الريحِ
يدفعها الأنين
تقتحم النوى
تشف فزع الرائحة.
والسواعد المستخفة بالمسافات
تململ تحت وطأة قيودها منهزمة
لا ترفع بصرها المهدود
كي تستفيق عصافير الجراح الغافية.
زلزِل نعيق اللون
أخرج يديك إلى يديك
أمسك بإصبعك الندي مفازة الحسن
اِتّبع ذبذبات روحك الصافية.
اِفزع إذا هجس الشجر بالعادِيات
أو لامستك دويباتُهُ الخبيئة
انتصرت ذؤابات الشجن
والأمنيات الطافية.
ضحك الغريب توتراً وتقهقرا
مداراة
نحيبا
ضحك الغريب نجاته
غناءه المشبوب عاطفة
ضحك الغريب مناجاة لأوقاتٍ رشقن نداوة
في ريقه
وبسطن على جناحيه الهوى
واختار أن يغزو مغاليق الضباب
يبيح للأيام أن تلقاه
تحمل بين يديها جسارة موءودة
ضحك الغريب
قصيدٌ شكمت أواره قافية.
ولوج:
ها المشاوير تتعب
ينبح الحصى
ما اشتهاكِ الوعِرُ.
على فوهةٍ تصففين الأظافر
تقصقصين السوادَ..
عزة،
ينسل من الينابيع جوعٌ،
لا يرتجي تحور الفصول،
يمكث،
خريرُ هامة،
لا يستدل،
يصعد
السماء ترتجي،
الينابيع تصمد.
ها آمنة تربي الخطى،
الجور يستفحل
تسن الأريج
يد الله ترتّب.
ها آمنة…
استبد بالعظم ثقبٌ
زحزح النبل
مد أجراس النواح
سلسل الفقد مركبا.
ها آمنة…
عزوفٌ طها الريح
برقٌ أجَّجَ المدائن
هاتف السكون بأظافر حادبة الارتعاش
سدد للأوجاع الناشبة بخطى الأعمى
نوافذ.
تمدد:
غريق بين طيات الجسد
تلملمه المسافات المهتوكة بالجنوح
يتسنمه الخيال
يعلق متهافتاً
متهالكاً
منتعشاً
مرتعشاً
بأفئدة هوت
ضجت بجنانه أشجانها
فنفضته الغفوة
إزميله الروح
مدخله صرير كوة الرؤى
عانق منبت الهطول
بكف خيال يطوقه الحنان
وانبرى يغسل البحر
بخريره الشفقي
رعاب نار الأنهر
هوى الروح
ما استنام على ضيم يناوشها
استطال
تمدد.
ها آمنة
لنقطف على خُطاكِ
الرحيل.
مغادرة
جئناكِ والبنفسجُ يُغطي وجوهنا
تلفحُ أحشاءنا تضاريسُ أمسٍ أتى
على خُطى آمنة
/الشاسعون حديقةٌ…/
جئناكِ نحلب الغيوم لحشد الندى
تساقط المناديل من أطراف التوجس
والأيام التي أكلت ثمر الجسد
ترصص ما تبقى للأرصفة
/الشاسعون حديقةٌ…/
جئناكِ نمنحُ الشارِعَ دفقَ النوى
نُسرِّحُ الأيامَ
تشدو القماري
تهزِجُ الكروانات
بألحانٍ سطعت دوننا
دونتنا في الأقبية
/الشاسعون حديقة/
جئناكِ فينا حريق الروح شِعرا
يقطرُ بالمساماتِ سِحراً
ينفحُ الخُطى طريقا
يؤسس الأزمنة
/الشاسِعون حديقة/
على خُطاكِ…
نقتحِمُ المدى
نكيدُ للطريقِ بدمِنا الراشِح
يُرتِبُ لغدٍّ تتشحين فيهِ
بالنبيذ
والأريج
والأخيلة.
2005م
* شاعر من السودان