انْصِتْ: ما إن تتوقف السيارات للمساء
وتصطفق مزاليج المحلات، ما إن تُظلم أضواء الشوارع
يمكننا أن نسمعهما:
الحمامتان المتضامَّتان على سياجي،
تموءان مرة تلو أخرى، حتى يأخذهما النوم أخيراً.
أمتلك الآن قوَّةً أكثر مما أعرف،
أستطيع أن أذهب إليهما
وأجبرهما على الطيرانِ نصف نائمتين في العتمة
أو يمكنهما البقاء
عندها قد يحس المرء بيديَّ تطوِّقان، تضيِّقان الخناق على الريش الدافئ
بعدها ألمٌ حادٌّ بينما أكسر العنق
كأن النخاع الشوكي مجرد مفصل آخر بحاجة إلى التحرير.
قبل شهرين، عثرتَ على حمامة ميتة في شرفتك
فدرت على كتابات باتريك زوسكيند،
لن تقودك الحمامة إلى الجنون،
لكن الحكاية والحروف التي تتكرر في الصفحة وفي العقل
قد تفعل.
الطيور لا تضمر لي أى أذًى
إنها تختبئ خلف الكراسي،
ترفرف مبتعدةً بضعة أقدام إلى حافةٍ أخرى
تاركةً خلفَها رفْضَاً طباشيرياً
لكن
ليس تهديداً.
عندما أكون هادئة، تبقى معي
يمكنني أن أُسلم نفسي لحضورها، أفكّر، وببساطة أغلق عينيّ
ثم أدور مبتعدة.
مرةً أخبرْتَني أن أتحدث ببطءٍ وأن أستسيغ كل صوت،
أنا سفّاحة، أفكر، متخيلةً رائحة الدم
وصدمة هذه الكلمات في الهواء.
إذا طارت الحمائم في الليل، نعرف أنها ستُقتل،
إما بواسطة قطٍّ أو رعب آخر..
يحدث الأسوأ دائماً بعيداً عن الأنظار.
منذ ذلك اليوم لم يعد شيء إلى شرفتك
أتعجّب أحياناً: هل يمكنني أن أرسل واحدة إليك، برسالة مرفقة،
دليلاً ما على أنني لم أجرح أيَّ شيء بعد؟
أجلس إلى نافذتي وأشاهدهما بينما تشرق الشمس
تتناغيان للحظات قبل أن تهربا من ظلي.
** شاعرة من أمريكا
ـــــــــــــــــــــ
*مراجعة محمد الصادق الحاج