ثمارغوايات

عَافِية الشِّعر

 

محمد-عثمان

 

 

 

 

 

 

 

كَانُوا يُصَوِّبُونَ عَلينَا الليل

كُنَّا نُصوِّب عَليهِم القَصَائِد

الشِعرُ في عليَائِهِ

يُحيلُ هذه الوحشَةِ إلى بيوتٍ

مِن بين الجِبَالِ يَمُدُّ يَدَهُ التُرابِية

لِينتَشِلنا

كُنّا رُعاةً وفلَّاحين ولصوص

حُرَّاساً لِليلِ

بِلا غداءٍ وأُمَّهات

بِزُرقَةٍ صَارِخَة على زُجاجِ أعيُنِنا

ومَلامِحَ لا تنتَمِي إلى شيء

بِلثغةٍ في الراءِ

طَعَامنا الشِّعر

وشَرابنا الحُب

نهزِمُ المَلل بالضحك الهستيري

مُتّسِخينَ بالوحلِ والحياة

نُربِّي الكِلاب المسعُورة والقِطط

بِلا أحذِيَةٍ

يأكُلُ الشوك أقدامَنَا

وبِلا بنادِق نُواجِه العَالَمَ

كُنّا عُمَّالاً للخَطَرِ

والسِكَكِ الحَديدية

التي لا يَمُرُّ عبرَها القِطار

السِكَكُ التي لا تَربِطُ القُرَى كَمَا

تربِطُ أرواحَنا

أرواحنا المُتَمرِّدةُ دوماً

العابِثةُ في شَقَائِها العظيم

كانوا مُدَراء أنِيقِين

للبنوكِ والعَقَاراتِ والخُبث

بِسياراتٍ وزوجاتٍ وأبناء

بِمَائِدَةٍ مَلِيئةٍ عِند العَشَاء

يقرَأونَ قِصَصَ ما قبل النَومِ

ولا يَعِيرونَ القَصَائِدَ اهتِمَاماً

كانوا مُحمَّلينَ باليأسِ

وكُنّا نتَقاذَفُ بالظُلمَةِ والضوء

بالجراحِ العَنيدة على أطرافِ ذواكِرنا

وبالحَنينِ اللاسِعِ المُر

نكتُبُ للحياةِ والموت

للعَدمِ والوجود

للحَقِيقَةِ والكذب

للصِغارِ الأمل المُعافَى

وللكِبارِ التبغ والجرائد الصباحية

نكتبُ بِلا أقلامٍ وأوراق

على التُرابِ وجُدرانِ البِناياتِ العالِية

عند طرف الشارِع

على رملِ الشاطئ الحزين

وعلى رمادِ هُتافاتنا

بألفاظٍ قبيحَةٍ وعادية

فقط نكتُبُ بأسبابٍ أو دون أسباب

نكتب للعالِمِ المتَرامِي أمام خيباتهِ

القائِمِ على أنقاضِنا

المُمتدِّ عبر هذه البُرهَةِ القاتِلة

بِجِذورٍ تصِلُ حتى أخمَصِ الروح

لِيُشفى مِن الحُمّى

فلتَتَهدَّم الحقيقةُ على رؤوسنا

وليُلملِمَ الفراغُ عنّا هذه الأجسادِ

ويُقايضنا بالخيالِ لِنكتُب

 

 

* شاعر من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى