كانَ هناااااكَ،
أوقُلْ على حافَّةِ الْغِناء، يَقْعي ساهِماً وشارِدَ الْخاطِرِ كأنَّما يستَمطِرُ أُغنيةً أخرى، غيرَ تلكَ التي هطَلَتْ عليهِ ثلاثينَ غيمةَ للوراء أو تزيد …. تلك التي يخشعُ في حَضرَتِها وترتعش رُوحُهُ كريشةٍ في مَهَبِّ الشَّدْو …. يشتهي أنْ يستديرَ الْمُغنِّي، الذي هو الآنَ سيِّدُ الأغنيةِ الْمُطلَقِ، إلى يَتِيمَتِهِ تلك، فيفرُدُ جَناحَيْها على سُمَّارِ الليل ….
يتَذكَّرُ أنْ ما مِنْ أُنشودَةٍ له سِواها مَسَّها طائفٌ مِنْ مُغَنٍ أو …. يطولُ انتظارُهُ ويطوووول …. والْمُغَنِّي يمُدًّ يدَهُ إلى أُغنيَةٍ فأُخرى، ولا يقرَبُ صَبِيَّتَه …. آهٍ لولا هذا الْكِبرياءُ الـلَّعين، إذاً لصاحَ بِهِ: عَمْركَ الله، لِمَ لا تُطفئُ ظمأَ هذه الْمسكينة…؟! هَلْ شاختْ إذاً وقد لَبِثِتْ عِندكَ سنينَ وحنين ….؟!
وكأنْ رَقَّ قَلبُ الْمُغَنِّي لِهذا النِّداءِ الْخَفيِّ، فنادى صَبِيَّتَهُ نِداءً شَجِيَّا …. فطارَ الشَّاعِرُ مِنْ حافَّةِ الْغِناءِ إلى منتَصَفِ النَّشوةِ تماما …. إعتَنَقَ الْمُغَنِّي، كانَ هذا مشغولاً بأُغنِيَّتِهِ / مشغولاً بأُغنِيَّةِ الشَّاعِرِ عن الشَّاعِر …. كانَ الشَّاعِرُ مشغولاً بِنشوَتِهِ عن أُغنِيَّتِهِ …. بِمِنْ إذاً كانتِ الأُغنيَّةُ مشغولةً سِوى بِنَفْسِها عن هذينِ الْمِسْكِنَيْن …..؟!