ألويل تكتب قصيدتها الأخيرة
البنت
تخدشُ الحربُ دواخلَ البنتِ الطيبة
فينهمر دمها ساخناً
لا تبكي
لا تعرف أنها شاعرة
ألويل
أنا شاعرة
كلنا شعراء
بلادي / النهرُ / الغابةُ/
والبنت التي لا تعرف أنها شاعرة
حتى الحرب الكريهة تحاول الكتابة على أرضنا
_______
(صمت)
(1)
البنتُ تفركُ يديها قلقاً
شيءٌ غامضٌ يتسلقها
تنفضُ يديها وتركض ُ
فتنو قصائد وريفةٌ
لا تعرف أنها شاعرة
(2)
المدينة سكرى بالضياء
تقتربُ النافذةُ منها
أمواجُ الضجيجِ
تبلغ خصورَ البناياتِ الشاهقة
تغلق النافذةَ
وتكتب عن صمتٍ عميقٍ يسكنها
(دفء)
(1)
البنتُ تنظرُ إلى الشمسِ في فرح
تساقطُ ظلالُ الأشجارِ على وجهها في صمت
تصّاعدُ مشاعرُها
ترتفعُ على موجة تنهيدة عالية
لا تعرف أنها شاعرة
(2)
تجلسُ إلى المدفأةِ
تكملانِ حديثاً عن الوحدة الباردة
تتابعُ على التلفازِ أخبارَ الحروبِ هناك في الغابةِ
تكتبُ قصيدةً باردة
(أشجار)
(1)
تنغرسُ الرصاصةُ في الطينِ
فتنمو شجرةٌ لا يعرفُها الدينكا
تهابها الطيور
لا تألفُ البنتُ ظلَّها
تشيحُ عنها وتمضي صامتة
لا تعرف أنها شاعرة
(2)
تبحثُ في المدينة عن أشجار مختلفة
أشجار لا تنكر الغرباء
( زهرة)
(1)
الطفلة تراقب الأزهار وهي تتفتح
تتفتح معها مشاعرها
تكتفي بمشاعر معطرة
لا تعرف أنها شاعرة
(2)
تكتب عن الأزهار اليابسة في الشرفة
فتساقط أوراقها
قصيدة ألويل ما بعد الأخيرة
(1)
أنظرُ من نافذتي إلى المدينةِ
طرقاتها المرسومةُ بصرامةٍ مملةٍ
رجالُ الشرطةِ المتناثرونَ في الزوايا
النوافذُ محكمةُ الإغلاق
لا تشعرني بالأمان
النسماتُ ترتطمُ بالبناياتِ وتعود خائبةً
يفلتُ القلمُ من يدي
أراهُ في طريقِهِ إلى الأرض
ياللراحة
*****
(2)
من أعلى غصنٍ تنظرُ البنتُ إلى الغابة
الجداولُ تتعرجُ كيفما تشاء
الجنودُ المتناثرونَ لا يخيفُونها
الأشجارُ تستقبلُ النسماتِ وتراقصها
تسقطُ الثمرةُ الكبيرةُ من يدها
تراقبها وهي في طريقِها إلى الأرض
القصيدة التي لم تكتبها ألويل
(1)
يتحسسُ الرجلُ العابرُ رأسَه
يرفعُ القلمَ الصغيرَ من على الأرض
كيف آلمه إلى هذا الحد
أتختزنُ الأقلامُ أفكار أصحابها فتصيرُ ثقيلةً
ينظرُ إلى القلمِ ملياً فلا يرى ألويلَ /الغابةَ/المدينةَ
لا يرى القصائدَ التي لن تكتبَها
**********
(2)
يمسكُ الجنديُّ رأسَه
يلتقطُ الثمرةَ الكبيرةَ
ينظر إلى الشجرةِ بامتنان
فلا يرى إلا قائده الذي أرسلَه إلى الغابةِ ونسيه
(أغاني أويل – من ديوان في مديح الدينكاويات)
* شاعر من السودان