هنيئاً لهم ما تركوه من أمومةِ هذرٍ يُحتَذى
تلوَ الترابِ على قَسَم العتبات
هنيئاً لهم ما ودَّعوهُ على عَجلٍ
كما أحبّوه على عَجلٍ
ما اصطفاه ماجنُ الظلِّ
صوَّبته خيولُ الذهبِ وغلالُ النقودِ تُرمَى بنقودِ الهبوبِ
ما يرتعدُ لا يرتعدُ في قبو الشَّرِيك
هنيئاً لمعاطفِ أثمانهم لآخرِ ما رسموه
على حليب المنافي
هنيئاً لهم ما اقترفوه من آثام النوم
كالسّاهرين
ما حمَّلوه سلامَ المراهن على صبره
ما علَّموه نشيدَ الكتابة لينفخ في صورة البيت
بيتاً يدلّ جداءَ الألقِ على ألقٍ بين غصون القراءة
ويوهم الطيرَ بزينةِ أنهارٍ
كنساءٍ شددنَ خيالَ النساءِ
هنيئاً لهم ما وقفوه
وما جلسوه
وما حملوه بين راحات الدمع كالرضيع يسمِّي
الضحكَ بعاداتهم
هنيئاً لهم رواق الزينة همس الستائر رفوف البخور
بين الكلام
يقتلون الليلَ بهواجسهِ
و يقتلون النهارَ برمّانهِ المسروق
لا ينامون في هزيع المراكب الضّرير
لهم جسورٌ من تدوين الغسق الفضفاض
يرسمون أكتافاً لا تشبه ما تعانيه المياه
هنيئاً لما ينظرون إليه
وما ينظر إليهم
ما كنسوه من زجاج النميمة وغيب الشحوب
ما عوَّدوه على حاله
سويّاً على حالهِ
لا شيء تحت الرنين أيها الصدعُ
نهبٌ يتخبَّط في النهب وغنائم ذاتها تتفصَّدُ أسواقاً
أرادوا بحراً فرسموا اعتدالَ الشبهات
غلَّفوا بمراجيح الساعات طيناً يقفز كضفادع
مهلٍ ماجنةٍ
في صحونِ الهباء ونادوا العطَّارينَ لجوع النكهات ،
أعدّوا فراراً من شرائح الغد
شدّوا الأبوابَ من حيلةِ النسيان
وكتبوا أسماءهم بغبار الأقلام
هنيئاً لهم ما كتبوه بفحم الأسرى كالأسرى
وهم يُدلون بصيحةِ الجهات
يخمِّنون ثغورَ المتاه
إنه بعثٌ يمتحن قطيعته ، قرائنُ تهيئ عدلَ المنفى
والذي أحبُّوه على عَجَلٍ
تركوا بين حدائقه آخرَ بنادقهم الفارغة
وبين عينيه آخرَ القبلات
وخرجوا بلا مصابيح
في ليلٍ يثرثر بالقنّاصين
هنيئاً لهم ما ودَّعوهُ على عَجلٍ
كما أحبّوه على عَجلٍ
* شاعر وفنان تشكيلي من ليبيا