رجال الأعمال و أهمية مساهمتهم في النهضة الثقافية
الفن ، المسرح ، الموسيقى ، التراث ، و السينما هي من أهم الجوانب التي تعكس التطور الحضاري ، و النهضة الثقافية لكل الشعوب في شتى أرجاء المعمورة ، و قد شهدت الأمم العظمى في القرون القريبة الماضية طفرات عظيمة ساهمت في النهضة الثقافية لها ، و هذا بدوره كان مدعاة لهم لغزو المحيط العالمي من حولهم من خلال نشر ثقافاتهم عبر الأعمال الموسيقية ، الفنية ، المسرحية ، الأدبية ، و السينمائية التي ملأت الساحات العامة و المنازل و دور السينما ، النشر و المسارح القومية.
و كان هنالك ما يعرف بحقبة عصر النهضة في التاريخ الأوربي الحديث و الذي ساهم بصورة فعالة في فرض الثقافة الأوربية و لغاتهم على الدول التي كانت تحت إدارتهم إبان الفترة الاستعمارية آنذاك ، فنجد أن غالبية الدول في قارتنا السمراء قد تأثرت بشدة بتلك الثقافات للدرجة التي جعلتهم يستخدمون اللغات الأجنبية كلغة رسمية لإدارة شئون هذه البلدان بما فيهم دولتنا الحديثة ، و هذا أثر بدوره على بعض ثقافتنا القومية في القارة السمراء ، و لكن هنالك دول ، و قوميات أبت نفسها إلا وان تبسط ثقافاتها على شعوبها و تحاول عكسها للمحيط الدولي.
ما دعاني لكتابة هذه المقدمة المطولة عن النهضة الثقافية للمستعمر الأجنبي و عمق تأثيرها على الشعوب المستضعفة في القارة الإفريقية ، هو ما تمر به دولتنا الفتية من إهمال و عدم المبالاة من قبل الذين يفترض فيهم المساهمة في النهوض بثقافتنا و عرضها علي شعوب المحيط الإقليمي و الدولي حتى يتعرف غيرنا عليها ، و ذلك بانصرافهم خلف أمور أخرى لا تمت بصلة للهدف السامي الذي من أجله قدم من اجله العديد من أبناء الوطن أرواحهم في سبيل إعلاء الشأن الوطني و تعريف الآخرين عن هويتنا و ثقافات الشعوب التي كادت أن تدمر عبر السياسة الداعية لأسلمه و تعريب النسيج الاجتماعي لقوميات هذا الوطن من قبل من يعرفون أنفسهم بعصبة الجبهة الإسلامية.
من خلال هذا المقال أناشد كافة رجال الأعمال بالالتفات نحو الثقافات القومية و العمل على ترقيتها و النهوض بها ، و ذلك من خلال الاستثمار في كافة المجالات المتعلقة بها كالفنون ، الموسيقى ، السينما و المسرح ، لنعكس ثقافاتنا التي يجب علينا الافتخار بها أمام كافة الأمم بكل اعتزاز , و للعلم فإن الولايات المتحدة الأمريكية عملت على فرض ثقافتها على كل أرجاء المعمورة من خلال الآلة الإعلامية الضخمة التي تميزت بها ، بالإضافة للإنتاج الفني الضخم من الأعمال السينمائية و الموسيقية الذي باتت تغذوا بها الأسواق العالمية كل عام ، و هنالك بعض الدول الآسيوية كاليابان ، الصين ، الهند ، و أخرى أوربية بالإضافة لدول القارة السمراء كنيجيريا ، مصر و غيرها من الأمم الساعية بجدية لعكس ثقافاتهم و كل ذلك عبر الجهود المثمرة من قبل أصحاب الأموال الذين صبوا أموالهم في الاستثمارات الفنية.
فماذا يمنعكم من طرق أبواب الاستثمار في المجال الفني ، الموسيقى و السينمائي للمساهمة بأموالكم في النهضة الثقافية لدولتنا و عكس مورثاتنا الثقافية و التراثية في المحيطين الإقليمي و الدولي ليعرف الكل شيء عن هذا الشعب الصامد الذي ناضل زهاء النصف قرن من الزمان من اجل إعلاء راية دولته و عكس المخزون الثقافي و التراثي الثر الذي حاول كل المستعمرين العمل على طمثه و محوه بشتى الطرق و إحلال ثقافات أخرى لا تمت بصلة للقوميات التي شكلت شعب هذا الوطن الكريم ، أعيدوا ترتيب أفكاركم بشان ثقافاتنا و حاولوا الالتفات للاستثمار فيها حتى تساهموا بقوة في نهضتها و تعريف العالم بها في كافة المحافل الإقليمية و الدولية ، من معارض للإنتاج الفكري ، المهرجانات المسرحية ، الموسيقية ، التراثية ، الفنية ، الثقافية ، و السينمائية.
* كاتب من جنوب السودان
* نُشر هذا المقال تزامناً مع ملف الموقف الثقافي الذي تصدره جريدة الموقف بجنوب السودان.