فِي اشْتِعَالِ اللَّيْلِ
أُفَتِّحُ طَقْسَهَا لِلأَبْجَدِيَّاتِ الْهَوَامَسِ، وَأَظَلُّ مَمْسُوسَاً بِضَمَّةِ كَوْنِهَا أُنْثَى، مِنْ وَرْدَةِ حِمْضِهَا السِّرِّيِّ أَبْدُو مَجْبُولاً عَلَى التَّارِيخِ أَكْتُبُهَا لِيُزْهِرَ بِعَبْقِ مَسَائِهَا جَسَدِي، لأَنْطِقَ بِمَا لَمْ يَقُلْهُ الْعَاشِقُونَ
بِمَا لَمْ تَقُلْهُ الْيَوَاقِيتُ عَنْ بُحَيْرَاتِ عَيْنَيْهَا فِي اِمْتِزَاجِ الضَّوْءِ عَلَى رَجْفَةِ خَمْرِهَا، وَتُتْرِعُ كَأْسَتِي مِنْ دَالِيَاتِ الْحِسِّ، تُضِيءُ أَصَابِعِي بِحَلِيبِ سَاقَيْهَا
بِمَا لَمْ يَقُلْهُ اِنْطِلاسُ الرُّوحِ لِلرُّوحِ، وَأَجْنِي ثَيَابَ ضَحْكَتِهَا عَلَى مِفْرَقِ الطُّرُقَاتِ، وَأَرْمِي مَا ادَّخَرْتُ مِنْ رِفْقَةِ كَفِّهَا وَ مَا تَبَقَّى مِنْ سِرِّ كَعْبَيْهَا فِيْمَا تَنَفَّسَ مِنْ دَمِي.
يَا دَمِي الْمُلْتَاثُ
مِنْ شَبَقٍ
بِهَا
مِنْكَ تَشْرَبُهَا يَنَابِيعُ الْغِيَابِ
وَمِنْكَ تَخْتَلِجُ الْمَدَارَاتُ/ تَلْهَثُ مِنْ تَلامُسِهَا
هِي مَوْتُكَ فِي اِنْخِطَافِ الْوَقْتِ مِنْ عَمَهٍ تُبَوْصِلُكَ سَرَابَاً فِي اِتِّجَاهِ رَحِيقِهَا
عَمِهُ الْبَصِيرَةِ كُلَّمَا أنَّتْ أَنَامِلُهَا اِنْكَسَرْتَ
كُلَّمَا ضَحِكَتْ مَرَّغَتْ مِنْكَ الأَحَاجِي عَلَى مِشْكَاةِ صُورَتِهَا
سَتَدْخُلُ هَذِه الأُنْثَى كَمَا لَوْثَةُ الشُّعَرَاءِ بِالشِّعْرِ، وَتَنْفَتِحُ السَّمَاءُ عَلَى عَاشِقَيْنِ مِنْ بَرْقٍ يُومِضَانِ كَحَبَّتَيْنِ مِنَ الْفَيْرُوزِ عَلَى نَهْرِ الْخَلِيقَةِ
يَدْخُلانِ إِلَى كُهُوفِ الْعِشْقِ لِيَفْصِلَ بَيْنَ عَاشِقَةٍ وَمَوْتِ عَشِيقِهَا بِالْحَقِّ وَيُغَمِّسُ غَمَّازَتَيْهَا فِي النَّعِيمِ
يَا نَعَيمُ : اجْلِسْهَا عَلَى رُعْبِ السَّرِيرَةِ كَي تَرَى فِي الْمَاءِ صُورَةَ مَنْ عَشِقْتُ، وَلُمَّهَا فِي رَاحَةِ الْعُشْبِ، وَاكْتُبْ أَوْرَادَها فِي أَرَائِكِ حُسْنَكَ سَتَبْدُو شَبِيهَ جَمَالِهَا الأَزَلِيِّ، سَتَعْرِفُ اسْمَكَ مِنْ اسْمِهَا
سَتَعْرِفُ
.
.
كَمْ سَتُورِقُ فِي لَيْلِ الْكَرَاوِينَ مَوْجَةُ ظِلِّهَا وَالنَّاسُوتُ جَوَانِحُ الأَشْيَاءِ مِنْ تَعَبِ الزِنَابِقِ تَمَّحِي فِي جَهْرَةِ النُّورِ
قُلْتُ: لِلأَبَنُوسِ سُمْرَةُ لَوْنِهَا الْمَنْسِيِّ بَيْنَ غَابَاتِ خُلُودِهَا مُتَنَاغِمِ الأَضْدَادِ مِنْ لُغَةٍ يُعَرِّفُهَا الْمَجَازُ دُرُوبَهُ فِيْمَا تَأوَّلَ مِنْ نِسَاءٍ
كَمْ سَأَعْرِفُ عَاشِقَاً مِثْلِي تُحَرِّقُهُ ذَرَّةُ هَمْسِهَا وَتَنْتَشِرُ السَّنَابِلُ مِنْ أَصَابِعِهِ وَيَضْحَكُ كُلَّمَا هَبَطَتْ غَماَمَةُ بَوْحِهَا سِرَّاً عَلَيهِ
.
.
فِي اِشْتِعَالِ اللَّيْلِ
الْجُنُونُ ابْتِهَالُ رَغَائِبِ التَّفَّاحِ/ يَقِينُ شَرِيحَةِ الْقِنْدِيلِ يُحَاوِرُكَ بِالتَّأرْجُحِ بَيْنَ رِمْشَيْهَا وَانْفِجَارِ شَهِيقِكَ عَلَى غَدَائِرِهَا
عَلَى وَقْدِ الْمَوَاجِدِ بِسَقْفِ اشْتِهَائِكَ
عَلَى اشْتِهَائِكَ بِالاشْتِهَاءِ تَمُرُّ مَيَاسِينُ الصَّبَابَاتِ وَتَغْفُو عِنْدَ مُنْتَجَعِ الْحَبِيبَةِ بِالْهَدِيلِ، بِالْهَدِيلِ سَتَنْحِتُ مِنْ أَطْيَافِهَا بَحْرَاً يُؤرِّقُ اِخْتِيَارَ الْيَابِسَة
سَرْمَدِيَّاً سَتُنَاغِمُ الأَشْبَاحَ بَعْدَ هِجْرَتِهَا وَتَصُبُّ أَنْبِذَةً عَلَى شَجَرٍ يُرَكِّبُ مِنْ حَقِيقَتِهَا دِثَارَاً لِلْفُصُولِ وَيَخْرُجُ عَارِيَاً فِي كَرْنَفَالِ الْكَشْفِ
تُرَاقِصُهَا فِي اشْتِعَالِ اللَّيْلِ
أَنْتَ الْمَلِيكُ وَمَا مَلَكْتَ.
* شاعر من السودان