نوستالجيا الغرباء
سريعونَ كالرِّيحِ
لا يُشبِهونَ العصافيرَ في خِفَّةِ المشيِ
لكنَّهمْ
في الهواءِ المسامُ
على الماءِ ساروا ولم يتركوا أثراً
ليدلَّ العناقَ على الدّمعةِ القاتلة
يُرْقِصُونَ الحرائقَ بالشِّعر
والشِّعرَ بالغابةِ،
الموتَ بالضَّحِكِ الحيِّ،
والقلبَ بالأسئلة.
يمشونَ في شارعِ الأرضِ
والغايةُ الأبدُ المتدفّقُ في الأمس
كان الصَّدى حائراً
والمسافةُ جسراً إلى الله
والفتياتُ السَّماواتُ يُزهِرْنَ أسرارَهنّ
ولم يشربِ اليومُ شايَ الحقيقة بعد..
أضرمُوا خمرَ أيامهم
وسقَوا الموتَ آلافَ آلامِهم
تَسيلُ الجِهاتُ على العينِ
ولا يرتوُونَ
بغيرِ السَّماءِ
ولا يرتوي صبرُهمْ بالمُشاهدةِ الهائِلَة.
دمُعُهُمْ قطعةٌ مِنْ حنانِ الشتاء
ويَرى القلبُ ما لا ترى العينُ
من شأنهم..
مرُّوا عليكَ
مرورَ المحبّين بالجسر..
مرُّوا..
خِفافاً على الزّمن الدائري الثقيل..
جرحى الغناءِ الصَّريح،
أساتذةُ الروح،
موتى،
مجانينُ،
عُشَّاقُ خمرٍ،
قراصنةٌ،
أنبياء،
يتامى،
مساجينُ حُرُّون،
أسرى،
ملوكُ الهباءِ،
فلاسفةُ المشيِ في الجَمر،
عُمَّال بيتِ الطبيعة،
ملائكةٌ ساهِمون،
صعاليكُ،
شعبٌ من الطَّير يمخرُ بحرَ الهواء..
مَسِيحُونَ ناجونَ،
خُضْرٌ،
ومن كُلِّ لونٍ يجيئونَ،
أطيافهمْ حُرَّةٌ في الزيارةِ..
كالبهلواناتِ في كُلِّ حدبٍ،
أصابعُهم لا تُشيرُ بغيرِ الضمائر،
نبعٌ من السَّهر القمريِّ..
هُمُ هُمْ..
حين مرَّ المكانُ
بجرح الوجود الخفيِّ.
مرُّوا بقلبِكَ
فابتسمتْ صخرةٌ في الملامح
مرُّوا ومرَّت حياةٌ بكاملها
والجرح
ما زال أبيضَ
والبحرُ مالح.
* شاعر من السودان