فصلٌ في جحيم آخر
إلى رامبو
ولدتُ وقدمي على العتبة أنا أيضا. ومثلكَ رأيتُ الجحيمَ يختضّ بشياطين زرقٍ. اتّسعت عيناي. ولمعتا مثل قشرة الماء في جدول تائه بمفرده في الصّحراء. وقبل أن أصرخ “يا إخوتي”. سحبني جيشٌ من الرّهبان إلى الخارج.
لكلّ جحيمهُ. لكنّنا ننتمي إلى وطن الشّياطين الزّرقاء. لهذا يحارُ المفسّرون في تأويل الكلمة على شفاهنا. ولا أحد منهم ينتبهُ إلى أنّنا ولدنا بجحيم آخر في القلبِ غير الذي تسعل به الكتب في وجوه العبيد.
هذا ما يجعلنا أكثر من الواحد وأقلّ من الاثنين: المحبّة التي إذا ما قشّرتَ كلمتها هذه من الشّفاه الرّخيصة التي تداولتها على مرّ العصور، لم تجدها مرئيّة. لكنّها ستراك. وتغمزُ لك باللّهيب.
من أجلها، تقضّي أيّامك في طريق الخسارات. تصلُ الخطوةَ بالخطوةِ حتّى تتصافح الجهاتُ في قلبكَ. لكنّك لا تصل إليها. لأنّها لم تقم منذ البداية سوى في النّسغ الحارق الذي يسبحُ في دمك دون شواطئ…النّسغ الذي يوهنُ قلبكَ ويوثقه إلى القوّةِ في آنٍ…علامة الأخويّة التي تجعلنا أنا أكثر من نحن أيّها اللعين.
ومن أجلها أنا مصابٌ بالعيون الحزينة التي تشبه زجاج سيّارة رماديّة أسفل منحدرٍ جبليٍّ، باللّمعةِ المنكسرةِ على سطحها (منْ مِنَ الدّمى البشريّة اللاهثة سوف يعرفُ أنّ شموسا كثيرة في الأعماق ترسلها عن بعد مجرّات قصيّة ولذلك تصل اللّمعة على ذلك النّحو؟(.
من أجلها أنا مريض بمناطحة الآلهة التي أخرجوني من عتمة الرّحم باسمها. ورغم أنّ عبيدها جميعا سينصّبونني عدوًّا لها. يختارون لي مكانا في جحيمها الأخرق. ويلوون اسمي على أعناق المحارث. سوف تنخلع أفواههم حين يرون اللّمعة نفسها وابتسامتي الغامضة على شفاه آلهتهم كلّما تجلّت لهم في الحلم أو اليقظة.
أنا لستُ شيئا آخر تماما. لكنّني حين وقفتُ عند العتبةِ. ورأيتُ أيّ كوارث في انتظار روحي اللعينة. وأوشكتُ مثلكَ أن أرمي بنفسي في هرر، سمعتنا أصرخُ: “سوفَ أنتهي مدفوعا إلى الجنّة هذه المرّةَ. ولكن ليس قبل أن أبدّد كلّ حواسّي في الجحيم”.
* كاتب من تونس