الغريب في الأمر يا أخي،
أن البدوي الوسيم، النحيف كخط الاستواء
الذي وصفه صديق روائي مبرشم
منذ زمن بأنه مثقف أغلفة كتب
يقف الآن علي أعتاب الخمسين بالتمام والكمال
أي والله خمسين عاما
من فقر، وكتب بالية، واسكتشات الفحم،
وأولاد يكبرون في غفلة منه،
وعمل لا يحبه مطلقا لأنه يصحو مبكرا جدا؛
بالإضافة لسنتمنتالية غريبة
تغمره كلّما شاف امرأة تمسك كتابا،
ولها نهد صغير متماسك كعجين أمه.
أعرف أن البدوي غالبا أهوج،
وعاطفي كأفلام السبعينات الصاخبة؛
لذلك وضع قلبه بلا مقدمات
في شنطة امرأة طويلة مغامرة قالت له:
لا تحزن، إنا رادوه إليك.
ضحك في خجل وهمس
ماذا ستلقي فيه بنت المجنونة هذه:
قطع فلين طافية،
سمكا نيليّا يبلبط في السنارة البدائية،
لوحات مودلياني النحيلة،
صورا قديمة لجدته ببرقع بدويّ فلكوري
شات Facebook المحشو بالأخطاء القاتلة
أصدقاء التكنولوجيا المتعبين المحبين
سخرية الأب المرّة من أخطاء الطفولة.
تصدّق إنه لم يتفرج علي التلفزيون منذ سنوات
لأنه يكره المصارعة الحرّة
ولا يحب لعبة الطاولة
لأنها تذكره بقوانين الجبر، وحساب المثلثات.
يرصّ كتبا كثيرة في الغرف، أصابته بطول النظر
وألم العمود الفقري،
ليباهي بها جيرانه الذين لا يقرؤون.
لماذا يبكي الآن هل تعرف؟!
يمكن الحبّ تسلط علي قلبه المهمَل
فأنا أعرف البدو هؤلاء عندما يحبون
يتفّكرون أنفسهم عشاقا مثل المجنون
لذلك تراهم يبكون في الخفاء
ويحفظون أشعار الغزل والصوفيون وقصص الحرب
وخاصة إذا كان اسم المحبوبة
قديما وتراثياّ مثل ليلى وعزة وغيره..
والله أعرف واحدا منهم اسمه (سالم الشبانه)
لم يسلم من اللعنة المغوية
أحب امرأة طويلة
تتكلم لهجة غريبة عنه
أظن لها عيون ذئبة جميلة وعميقة
وتحب: أفلام الأكشن، وجوليا بطرس،
والكوكا كولا الكانز.
وتبوسه بعمق؛ فيصاب بالهبوط والإحباط؛
ولكنه للأمانة سحبها من السوداء،
ورعب الوحدة الذي يمسك برجلها ليلا
تناديه :(يا عمري أنت)؛ فيحس بغصة.
يخرب عقله هذا البدويّ، كم كان وسيما!
عندما قالت له حبيبته: لازم أن نفترق.
رقص قليلا في الشارع الخالي؛
ثم جلس تحت مظلة وبكي بسعادة.
أظنه الآن قاعد علي السرير، يكتب هذه القصيدة:
عن بدويّ أرعن وسيم،
أحبّ امرأة تتكلم لهجة غريبة عنه،
باسته بعمق ثم رحلت
بلا حتى رسالة وداع في WhatsApp.
ألم أقل لك يا أخي،
البدوي هذا رجل غريب
ألا يذكرك بتوم هانكس في فيلم cast away؟!
عندما وقف في حَيرة
أمام المفارق الأربعة الطويلة!
* شاعر من مصر