ابنة زيوس

فتاتان داخل المنزل
احداهما جالسة والأخرى تمتنع.
يتناوب بينهما
طوال اليوم
ثنائي من ظل ونور.
تقوم الأولى
في غرفتها الخشبية المعتمة
بحلّ مسائل الرياضيات
على الآلة الحاسبة،
في لحظات جافة اتسم بها الوقت.
وحالما انتهت من جمع التكلفة
لهذه المغامرة العقيمة
اقترب جرذ خبيث من طرف عينيها
وتسمّر ممتقعاً أمام جسدها الهزيل.
بينما تستلقي الفتاة الأخرى
بلونها البرونزي كالأرض،
تُنصتُ إلى تكتكات الذهب المنتفخ
كغبار طلع في هواء صاف.
وقد ركَنت قرب مرج لأزهار خشخاش
تتمعّن كيف تتوهّجُ خيوط بتلاتها الحمراء
وتحترقُ مكشوفة لنصل الشمس.
*
عند ذلك الهيكل الأخضر
أصبحت عروساً للشمس،
وبحرية تامة،
اضطجع العشب في ألم كبريائها،
فأنجبت ملكاً.
بينما يتكاثر الآخرون بفعل النسل.
انقلبت الفتاة الأخرى
كامدة وشاحبة كأي ليمونة،
عذراء، ساخرة للأبد،
ذاهبة للقبر بلحم مدفون هدراً
في علاقة زوجية منخورة
وامرأة غائبة حتى الآن.
________________
سيلفيا بلاث: شاعرة أمريكية مواليد عام 1932م، تزوجت من الشاعر البريطاني تيد هيوز 1956م، أنجبت منه طفلتان ، عاشت سيلفيا حياة أليمة وكئيبة، تبدأ رحلتها مع الألم بوفاة والدها عام 1940 وهي في الثامنة من العمر، حيث شكّل الموت هاجساً لديها وتعيش حياتها غارقة في نوبات الاكتئاب، بدأت بكتابة الشعر وهي في السابعة عشر من عمرها ولها رواية وحيدة سردت فيها محاولتها الانتحار ودخولها في انهيار عصبي ثم مصحة للأمراض النفسية حيث تعرضت للصدمات الكهربائية، تنهي سيلفيا مشوارها في هذه الحياة بانتحارها عام 1963م وذلك بعد طلاقها من تيد هيوز بأشهر قليلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
*نور طلال نصرة: شاعرة ومترجمة سورية، لديّ بعض القصائد المنشورة في الصحف العربية كالسفير اللبنانية وأخبار الأدب المصرية وبوابة الأهرام، والعديد من المواقع الإلكترونية. أقوم حالياً بترجمة رواية من اللغة الانكليزية إلى العربية بعنوان ” أمستردام” للكاتب إيان مكيوان لصالح دار نشر مسكيلياني، ولديّ مشاركة بمقال مترجم في مجلة انتهاكات والذي سيصدر قريباً في عدد المجلة الثالث.