23 يناير
الأصدقاءُ لا يتحولون إلى قصائد
إمّا أصدقاء
أو خسارة فادحة
وهذه الكتابةُ يا عيدَ ميلادي
ليستْ فيمن خسِرنَا منهم
ولا في الذين بقوُا يمتطون العاصفة
بل هي إليك
كتبتها في عامك الثاني والثلاثين
دوّنتها على الورقة الأولى
من كتاب رسائل عيد الميلاد لـ تيد هيوز
أعرفُ يا عيدَ ميلادي
أنكَ وُلدت معي
وأنكَ مثلي
كنتَ في الصغرِ أكثر بهاءً ووسامة
كلما نظرتَ إلى أمي وهي تبتسمُ
حطّت على كتفك فراشة
وكلما سمعتَ أبي يغنّي
نَبَتتْ في ساعدك ريشة
لكنك كبرتَ معي
ها أنت تبتئس
تقشعرّ جمجمتك من البرد
كأنك في صقيع حربٍ طويلةٍ
خاليةٍ من الزركشة
والمزاحِ
والقراطيسِ الملوّنة
تحدّقُ في الأغصانِ التي تُـحِب
وتهمسُ: متى ستيبس؟!
ثم تهجسُ: ستيبس.
لكنّي يا عيدَ ميلادي
أيّها الشاحبُ الراعف
أعرفُ أيضًا
أنني سأموتُ في أواخرِ ليلٍ صيفي
وأنك لن تُدفنَ معي
بل ستنام عميقًا
كصغير الدبِّ القطبي
وفي الثالث والعشرين من كلّ يناير
ستعوي في قلبك كلُّ ذئاب العالم
وستظلّ تجري باحثًا عن قبري
الذي قبل أن تصلَهُ بخطوات
آه..
ستنكسر ساقُكَ ويخرج عظمُها
وستصرخ صرخةً توجع الأبديّة في قلبها
وكما يفعل الرفاقُ الأوفياء
ستحبو إلى قبري
وقبل أن تلمسَ شاهدي، وشاهدك
في تلك اللحظة
ويلاه
سيحلّ اليوم الجديد!
سيحل الرابع والعشرين
ونفترق قبل أن نلتقيَ
نغادر بعضَنا في المقبرة الهادئة
ونحن نتخيّل حنجرةَ العدم
وهي تنداحُ بالعبَراتِ
والحصى.