الفزاعة
(نحن من نصنعها وليس الآخرون)
ارتجفت يداه تحت الماء وهو يقول:
“بسم الله. بسم الله. بسم الله.”
ثلاثاً.
أحس بالماء سوطا يجلده بقوة.
اختلطت عليه تفاصيل الاغتسال.
(الأيادي ثلاثاً.
الفم ثلاثاً.
الأنف ثلاثاً.
الوجه.
الوجه.
الوجه) وهو يغسل وجهه الان ، أحس بالاتساخ.
كانت البلاد في بداية ظلامها الكبير.
ولم يك أئمة المساجد قد تبولوا في منابرهم بعد.
كان للخلاوي أمانها.
وكانت البلاد. لا تزال تشبه البلاد،
ويداه تحت الماء…
كان الماء سياطاً تجلده.
في ذلك الوقت كان جسده جسد رجل صغير.
لم يتجاوز السابعة عشر من عمره بعد وقلبه قلب طفل كبير.
لم يستوعب قلبه الصغير ما حدث.
تطلب الأمر كثير من الزمن ليستوعب ما حدث…
وهو يدخله في مؤخرته؛ أحس به في حلقه؛
عميقاً…
واختنق…
اختنق…
حتى أنه لم يستطع التنفس أو التفكير.
لم يستطع.
كان يخنقه.
لم يستطع التنفس
لم يستطع…
لم يستطع.
ففتح فمه ليتنفس…
امتلأ فمه بالتراب …كان محشورا بعنف داخله.
حاول التحرك. اصطكت أسنانه بالتراب بعنف.
أوجعه ذلك.
فقد كان عنيفاً وقاسياً وسريعاً.
وعندما أدار وجهه للقمر كان القمر قد أنطفا…
الخلاوي، المسابح، حلقات التلاوة، أصدقاء الخلوة، أباه الذي اعطاه للشيخ ليحفظ القران،أمه،قريته،الهواء،الهواء.
وكان الدنيا قد انقلبت.
ووجهه ممتلئ بالتراب.
وحلقه يؤلمه.
وذلك الشيء قد شق قلبه الصغير.
وارتخى
ولزوجة مقرفة في مؤخرته.
عندها.
ضربه الشيخ برفق في مؤخرته.
طالباً منه الاغتسال لصلاة الصبح.
أنتهى
التاريخ 28/2/2018
*كاتبة من السودان