غوايات

البعيدونَ جداً

البعيدونَ جداً

جميلون

لن نلتقيهم أبداً

كائنون في العمه.

يحتفظون بسكاكينهم في مخافرها النائمة

يدسون أسنانهم عن عضنا اليومي

يُنكسون السلاح.

بعيدون مثل حُلمٍ.

ليس بيننا وبينهم سوى برزخٍ فارهٍ

يفصلهم عن أحقادنا

يفصلنا عن جمالهم المكبوت

يفصل بين حياةٍ وحياة.

هم غامضون كبذرةِ القرنفل

عطرهم لا يجيء ولا تجيء أسماؤهم في دفترِ المواليد

بعضهم يركب معنا الحافلة

وينزلُ للأبد

بعضهم نصافحه في عزاءِ صديقٍ آخر

لكن الأجمل منهم من لن تلتقيه.

عائشون في الظلال

(هل يأكلون مثلنا وهل يعشقون؟)

خلف أكمةٍ

ما وراء جدارٍ

في بيوت خربةٍ ومنسية.

هم بعيدون

لن نجدهم في ألبوم عائلةٍ

لن ننتهك خصوصيتهم الموصدة بالميتافيزيقا الرنانة

ولن نمارس الجنس مع نسائهم

لهم شأنهم الجليل ولنا خصومتنا مع ذواتنا الخربة.

هم لا يلوحون

لهم يد سيد الأوركيسترا

يعزفون في فراغاتٍ أخرى

ثملةٍ

مجنونةٍ

متمردةٍ

شاعريةٍ، كالتفاتةٍ مفاجئةٍ

وطيبةٍ ، كنهدٍ بنتٍ حولاء.

بعيدون

وكامنون في وقتٍ يخصهم.

المغيرة حسين

كاتب وشاعر وصحفي من السودان
زر الذهاب إلى الأعلى