غوايات

قصائد

ضباب

سحابةُ الدّخانِ

حزينةٌ هذا المساء

تركتْها الرياحُ لتعبرَ طريقًا ضيّقًا

وهربتْ

تتسلقُ المناخَ في درجٍ خاملٍ يصنعُ الغبارَ

Venus

مثلَ وردةٍ بيضاءَ

في آخرِ اللَّيلِ

تفتحُ الشبابيكَ لرائحةِ العُشبِ

الذي أيقظتْهُ صيحاتُ المغنينَ

حينها ثملًا كنتُ

أُفَتِّشُ الضوءَ في عيونِ العابراتِ

أتذَوَّقُ الكأسَ عبر مزمارٍ قديمٍ

أهدتْهُ السماءُ للأميرةِ

حينما كانتْ

تكتبُ الرسائلَ بحبرِ الملذاتِ الشَّحيحِ

مثلَ وردةٍ بيضاءَ

لوّحتْ بقبلةٍ

وأشرقتْ توزِّعُ السَّلامَ في بيوتِ العاشقينَ

الأرض

تأكُلُ الطِّينَ

من حفرةِ الضَّريحِ

لم يعدْ من  رغبةٍ في الوجباتِ التي تُجَهِزُهَا

فتاةُ المطبخِ

التي تسهرُ اللَّيلَ في تقشيرِ البرتقالِ

هكذا علمتْهَا حُوريةُ البحرِ

في زيارتِها الأخيرةِ للطَّمي

أنَّ الجنينَ يشتهي التُّرابَ

كي يُمسكَ الأرضَ بأصَابِعهِ الخضراء

الينابيع

ثمّةَ أحلامٍ

تتسكعُ في ذاكرةِ النَّهارِ

والدروبُ التي تُفضِي إلى بيوتِ العتمةِ

تسْتدرِجُ ُالحبَ إلى شراكِ السريرِ

بالنبوءةِ ذاتها لرؤيا القمرِ

تمنحُ الكائنات ينابيعَ الخصوبةِ

كَمَا

بالقليلِ مِن الوَهمِ

وأساطيرِ النهارِ العزيزة

يُربي الطائرُ صغّارَه

أن الفضاءَ حديقةٌ لم يعبثْ بها أحدٌ

خصوبة

الرائحةُ

التي علَى غُربةِ الطِّينِ

استنشقتها آلهةُ الرِّياحِ

وذهبتْ تراوغُ الأحوالَ فِي أساطيرِ المناخِ

ليلةٌ عاصفةٌ

وشبابيكٌ تصطكُّ من صراخِ المخاضِ الطَّويلِ

تلدُ الحنانَ

والتربةَ الخضراءِ

مُـدَوَّنَــاتْ

الشوارِعُ التي رسمنا حَوافَّها

شيدنا بُيُوتها

ورسمنا على الحَيْطَانِ فتَيَاتِهَا

نامتْ تحتَ غيْمَةٍ

وركلَتْنَا في الأنفاقِ

مثل كلابٍ ضالَّةٍ

شرَّدَتْنَا في عتْمَةِ الأرضْ

أيَّــــام

الأيام التي قضيناها

في تمزيقِ البالونَاتِ

لوَّنَتْ شفاهَنَا برعشَةِ الرَّملِ

رسمتنا في ذاكرةِ التُّرَابِ الأنيقِ

خرَائطَ للهوَاءْ

حينَ يخُطُّ دوْرتَهُ في دربِ العصافيرْ

الأيَّامُ التي قضيناها

في لمْلمةِ الأشْواكِ منْ طريقِ الفتياتِ

غادرت مساكنَ بلدتنا في وقتٍ مبكِّر

عبرتنا

كأطيافِ الغرباء

الأطيافُ التي تخفتُ سَريعًا

كلَّمَا حزمت حقائبها في عرباتِ الرَّحيلْ

في المكتبة القبطية

كنّا في انتظار المُغنِّي الجميلِ

صديقتي التي ضاعتْ منذ تلكَ الأيامِ

أو بعدها بقليل

تُخفي رأسَها بينَ فَخْذَيْهَا

تُصَفِّرُ بأصبعينِ ناعمينِ وشفتينِ جذّابتينِ

كان رنينُ الصوتِ أنثويًا عاليًا

ذُعِرَ الحاضرونَ ولم يتَبينُوا صاحبةَ الصوتِ النّدي

هيَ

دون أن تُعدِّلَ جلستَها

في كُرسي الخيزرانِ الذي تشاركني الجلوسَ عليه

ضَحِكَتْ بنشوةٍ ورفضتْ تدريبي كيف أُصَفِّرْ

نصار الحاج

شاعر من السودان
زر الذهاب إلى الأعلى