غوايات

رعاية و دعم المدعو آدماي

رعاية و دعم المدعو آدماي

إليه..

من سيوقعهُ حظه العاثر ببراثن هذا النص،أهدي النص.

 كانت تتداعى أمام ناظريك بفوضوية وسخاء حاتمي، غارسةً أنصالها الحادة في جوف ذاكرتك بسادية وحقد لم تسبقها إليهما أيٌ من ذكرياتك الأخرى قبلاً. إلقاءك القبض عليه حين أطلقت ساقيك النحيلتين للريح، مستغلاً قدرتك الفائقة على الجري، المراوغة والقفز، مطارداً ذلك الفتى تلك المرة. أتذكره؟ فتىً كماك، بملامحه الشاحبة كذبابةٍ بائسةٍ لقيت مصرعها غرقاً. طول قامتك، هزالك، فانيلتك الرثة، غرائبية تصورك للأشياء وأحلامك المعلقة بأستار المستحيل، كان ينتعلها أيضاً كما لو أنت هو أو هو أنت!. وكيف أن في خضم مطاردتك المحمومة تلك، تسمرت بمكانك كتمثال عريق أو كصورة له بعدسة مصور فوتوغرافي عجوز طمست سنين الخبرة الطويلة ملامح وجهه، وبدأت بفرك أعلى جبهتك بعدما امتلأت خياشيمك برائحة زنخة ومنفرة، استيقظت على إثرها والألم  يطوق رأسك بذراعيه من الحروق التي لعقت جبهتك ونزراً من شعرك، استأنفت الدلك بلطف جدة رؤوم علّك تطمس بعضاً من خطوط الألم التي وسمت بأعلى جبهتك، ثم أعدت أقداح مصباح الجازولين التي أطفأتها برأسك حينما كنت تترنح من سكر النوم، المسرجة المطفأة. استمرت بقايا شعرك الملتصقة بفوهة المصباح في التآكل ببطء وثبات أيقظا شيئاً ما فيك، فقد لفّك شعور بأن ثمة ما يتعين عليك قيه بسطح الورقة التي أمامك بدأ يمور بأمعاء قريحتك المشمئزة… حكاية الفتى الذي كنت تطارده في الحلم وإن كنت لا تعي دواعي مطاردته وجدوى الإمساك به، لما جُبلت عليه بأن لا أحد يعطي نفسه حق السخرية من أحد في مثل هكذا اشياء يقوم بها، وأن لا أحد يجهل حقيقة أن:

– القعاد الساي بعلِّم المشاط في الصلعة.

المثير لما لا أستطيع توصيفه تحديداً!، هو أنه حتى انتباهك للتشابه شبه الاستنساخي بين رائحة شعرك الذي احترق ورائحة دخان احتراق قرون الحيوانات المتكومة بمراكز الشم بدماغك منذ أمد لا تذكره تحديداً، أمد تشكيل ذاكرتك الشمية؛ لم يثني رغبتك الحثيثة بكتابة نص تافه، قصة فتى الحلم الذي كنت تطارده. يا إلهي ماذا لو كنت حيواناً؟! ماعزاً مثلاً؟! حينها بلا شك تستطيع ودون تأنيب تهشيم سور المحاظير والقيم المجتمعية الضاربة بلا رحمة بعمق أناك العليا التي لم تكن تملك ولو ظفراً في يد تخليقها، وستثغو ملء شدقيك المترهلين وسيكون لديّك حبيبات كثر بكل تأكيد، تقبلهن وتمارس معهن الحب بالشارع بوضح النهار دون أن يثير ذلك تأففك أو باقي أفراد بني جنسك ولا سخط المدعويين عبثاً رجال شرطة النظام العام من غير أن يحاسبك رقيب ولا حسيب، لكن كل ذلك لم يخرج عن كونه محض رسوم موغلة في السريالية تلوذ بالتلاشي كلما أمعنت التأمل ملياً بالصدفة الاستثنائية التي جعلت منك إنساناً لا ماعزاً أو أي مخلوق أو شيء آخر.

دعني الآن وبتفصيل سافر أُخبرك عما حدث، أعني عن مشروع التفاهة التي استهوتك احترافها منذ بضع أسابيع  سبقت ذلك التاريخ، فعزمت بتلك الليلة أن تكون تافهاً في كتاباتك أيضاً. أن تكتب نصاً تافهاً.

التهمت العشاء مع بداية انهمار الظلام وهيأت الطقوس اللازمة للكتابة كما في كل مرة، بدءاً من تجهيز ثيرموس القهوة ولفافات التبغ، وانتهاءً بربط يدك اليمنى التي تستخدمها في الكتابة بخرقة قماش باهتة الزرقة قبل أن تشعل المصباح الذي أصبغ المكان ضوءاً دافئاً آخاذاً. فبدا كل ما في الغرفة وكأنه مدهون بمستخلص غسقي شفاف.

كانت الأحداث في طريقها إلى الإنسياب بسلاسة، إلى أن أمسكت القلم لمزاولة التفاهة التي أزمعت ممارستها، فقد غمرك إحساس أنك لا تمتلك شيئاً لتكتبه، حينها أحسست بشيء كما الانكسار بدأ ينسرب بأوصالك، بل وكدت أن تجسر على لعب دور السمكة الميتة بالنوم والانجراف مع تيار الأحاسيس المحبطة تلك من غير ما أن تكتب نصاً تافهاً لولا عنادك وقوة تصميمك بممارسة التفاهة على الورق هذه المرة، غير أن الرغبة بالضحك وهوس إقتحام سور المحاظير والقيم المجتمعية الذي انتابك فجأة في لحظة ما بالليل أجلت من شروعك بالكتابة بأن كبحت جماح عزمك المتوقد للكتابة قليلاً. فقد راودتك الرغبة بالضحك!، الرغبة في أن تضحك كما لو أنك لم تضحك من قبل!

– فلا احد يسمع أو يرى ما أفعله برحم غرفتي الحقيرة هذي بهذا الوقت من الليل، فلما لا أقترف بعضاً من التابو، الضحك مثلاً؟!

– ولو أنهم سمعوني أعني العسس، فسأبرر لهم بِـ هذياني بالحلم. فلا يوجد عاقلان يختلفان في مسألة إباحية المحظورات في الأحلام بلا استثناء بما في ذلك الضحك وممارسة الحب وتقبيل الحبيبة بالشارع أو المسجد او عربات المواصلات…

هكذا كنت تحيك تبريراتك التي ستقنعهم وبلا أي شائبة، لكن شريطة أن تعقبها بقُربان الرضا ودرء الشكوك حول صحة ما تقوله، المال. وبدورهم سيكافؤونك العسس بنشر صورتك العبوسة أعلى يمين الصفحات الأولى من صحف اليوم التالي رفقة مانشيتات من نوع؛

– بمساعدة مواطن، الاستخبارات العسكرية تضبط أكبر شبكة سرية لتهريب الضحك بالبلاد بأحد أحياء العاصمة القومية…

– على خلفية أحداث دوحة الشهداء؛ الشرطة: محاربة التهريب واجب ديني قبل أن يكون وطني…

– الانتهازي الوطني الديموقراطي؛ لا تهاون مع مدمري الاقتصاد القومي والتهريب إرهاب اقتصادي…

لكنك وكعادتك، كنت أجبن من أن تجرؤ على الضحك. فمنذ يوم مشؤوم، بعيد ومنسي بمؤخرة تاريخ لا يذكره أحد من الأحياء ولا الذين لزموا قبورهم بإذعان ويأس ودونما أي تبرّم، مُنع الضحك مطلقا بقريتكم أياً كانت دواعيه أو بواعثه أو الحاجة إليه، بإستثناء يوم واحد فقط في السنة، أُطلق عليه إسم يوم الضحك القومي السنوي، وفيه يستشيط الجميع فرحاً جنونياً، يهيمون بصنع الفطائر والحلويات والولائم، مع الحرص كل الحرص على تقديم أثمن وأغرب القرابين لجلالة السيد الرئيس باركه الله وقدس سره، على غرار مؤخرات الحسناوات المحمرة بدخان الطلح، تقديراً وشكراً على هباته التي لا تحصى وابتغاء مرضاته أيضاً، ثم الاحتشاد بالساحات الفسيحة والميادين العامة لرواية مكبوت الأقوال والتعليقات الساخرة  لمواقف تستدعي ذلك قد مرت بهم خلال العام، والضحك ملء حريتهم الممنوحة هذيك من غير أسباب  واضحة حتى في أغلب الاحيان، دون أن يحاسبهم في ذلك أحد بذلك اليوم الاستثنائي العظيم.

 ما في مقدوري الجزم أنك تتلهف تذكّرهُ بشغفِ دموعِ غيمةٍ ماطرةٍ لمحاضنة أرض بور بعد طول خصام، عن ذلك الفتى الذي كان وبالاً عليك بتصرفاته الرعناء والتي حسدته عليها لحظتها، هو إغراقه الغرفة بصوت ضحكه الجميل العذب وكأن قوانين تجريم الضحك قد استثنته بتلك الليلة، الأمر الذي سرّب بداخل الغرفة هاجساً دفعك إلى التوقف عن الكتابة وطي الورقة بسرعة واضطراب من حُبس داخل مقطع فيديو قصير مضبوط على العرض السريع، إلا أنه لم يكن أقل تمرداً وتوقاً للإنعتاق والتحرر من نظيره الذي ترائى لك بالحلم. فقد تسلل من الورقة بخلسة لص محترف، متنصلاً من كل مواقفه الأخلاقية ومختلف التزاماته التي أسندتها إليه داخل النص، وتلاشى بين تواشيح الظلام المسدولة في الفراغ بسرعة خاطفة وإتقانٍ مذهل حتى بالكاد يصطحب معه الاسم الذي أطلقتهُ عليهِ بعد حين، فتى النص!

وكإجراءٍ احتوائي للموقف بدافع جُبنك الفطري؛ استجمعت كل ما قوّلته له بالنص وقمت بمعالجته بحيل وتكنيكات كتابية خاصة أخرى تقتيماً لِـ أو خوفاً من افتضاح بعضك الذي بالنص لربما، ثم أودعته بورقة “اي فور” أخرى جديدة ووضعتها بسقف المكتبة بعد طيها بإحكام شديد هذه المرة، ثم غرقت في النوم.

لم تمر سوى لحظات تقدر بعدد أصابع القدم  الواحدة حتى استيقظت مرعوباً على هدير النهر الذي أغوتك زرقته بالتأمل العميق قبل أن تكشف سوء نواياه، قمت بإشعال المصباح مجدداً، ثم تناولت من رف مكتبتك المكتنزة بأنامل مرتعشة كتاب وصفات البحار المتقاعد وبدأت تتصفح على كسل والنعاس والرهق ينهمران من عينيك الضيقتين بغزارة، الباب الخاص بتعليم السباحة للمبتدئين، ما أظن أنك لن تنساه ما دمت هو أنك في الصباح وجدتك والكتاب تتقاسمان السرير مع بروز ثآليل بلل مخيفة بمناطق مختلفة بجسدك، وعلامات إحساس بشيء مبهم بادية على وجهك.

شيئٌ آخر أيضاً قد انبلج مع انبلاج الصباح خلاف قصتك مع كتاب البحّار التي شككت بحدوثها جملة وتفصيلا لاحقاً، كانت رغبة طازجة بتعقُّب فتى النص الهارب ذاك وإرجاعه الى نصك الذي كتبته بعد مجابهتك لكثير عقبات ومطبات ليلية، قد حُملت إليك من السماء بواسطة ضوء الشمس المتساقط تزامناً مع توغله”النص”، بتفكك واهتراء لا تخطئه عين بعد استلقاء الأشعة المتثائبة على سطح الورقة التي فردتها للإطمئنان على ما أودعته بها. لم تعترضك أية صعوبة تُذكر في إلقاء القبض عليه، فقد أمسكته من تلابيب قميصه بإحترافية مروض أفاعي صحراوية سامة وأوسعته شر ضرب دون أن تنسى إغراقه بالشتائم وكل ما هو مختمر بقاموس الكلمات البذيئة خاصتك منذ عيد الضحك القومي الأخير غير آبهٍ لا بصراخه ولا إستجداءات الاستعطاف والاسترحام السخيفة التي يرميك بها بها المارة والمسافرون بمحطة المواصلات بعدما لم يخيبك تكهنك الذي ساقك في الصباح الباكر إلى أنه ربما هرب أيضاً إلى السوق الذي لا يبعد سوى بضع كيلومترات عن القرية التي تقطنها تماماً كما في الحلم؛ وجدت فتى النص متسعكاً بالسوق الكبير بين السيارات القابعات بمحطة المواصلات الضاجة بالراحلين، فزججت به عنوة بأحد الحافلات المتجهة صوب قريتكم.

بدأت المأساة فعلياً منذ تلك اللحظة، لحظة كنتما تجلسان على مقعدين متجاورين في الحافلة، اقتعد فتى النص الكرسي القابع يمينك بينما على اليسار كنت تلازم مقعدك بوهن، تتدثر بصمتك وقلقك، تستجير لفح النسيم المنثال من نافذة الحافلة المشرعة على الفراغ، على النقيض تماماً من فتى النص الذي بدأ تبادل الحديث مع جاره من الجهة اليمنى ذو الوجه المتشح جاهاً وسلطة وسيماء من حاول اخفاء  غباءً متجذراً بملامحه لكنه فشل، بين كل فينة وأختها كان فتى النص يلتهمك بنظرات حادة وساخرة إلى حد بعيد وكأنه يستلهم أشياءً من قسمات وجهك المضطرب، وكما لو أن الامر منولوجاً داخليا يواصل الثرثرة في إلفة وانسجام غريبين مع جاره البدين بعض الشيء بكرشه المتهدلة وهندامه المثير للضحك والسخرية على أناقته، تملكك ساعتها شيءٌ لم تستطع إدراك كينونته على وجه الدقة، شيءٌ كخيبة من شمّر ذراعيه لرفع جسم ثقيل ثم صُدم بتقزمه وضآلته في اللحظة الفاصلة، الأمر الذي دفعك لاستئذان النزول بفرقعة إصبعك سريعاً. ترجلت من الحافلة وسط نظرات ذهول ونثار همهمات كل راكبين يتجاوران زمكانياً، خمنت أنه إما أنهم انتبهوا للوهلة الأولى إلى حلة الشبه الصارخ الذي ترتديانه وفتى النص أو استغرابهم أو ربما استنكارهم النزول بمكان لم يعتادوا مشاهدة أحد ينزل فيه من قبل، على أية حال لم تعر الأمر اهتماماً أكثر من الذي رويته. تقدمت مهدود القوى مثقل الخطى لبضع أمتار، فانتحيت جانباً، ثم أمسكت بدرابزين الأمان بالكوبري الذي يربط قريتكم بالمدينة الكبيرة وطفقت تتأمل بهدوء قوس التئام الأفق الممتد إلى اللا نهاية مع زرقة السماء المعكوسة على حبيبات مياه النهر المتلألئة، لكن وكما لو أن اللا توقع تحامل لمضاعفة تعكير مزاجك الذي أخذ يصفو بعض الشيء حينها، فجأة ظهر أحدهم من حيث لا يحتسب توقعك ولا حدسك الذي قلّما يخطئ في مثل هكذا أشياء، منبثقاً من سهام الاستغراب والاستنكار التي كانت تحدجك من كل حدب وصوب لربما، كنت ستظنه شبحاً هارباً من الجحيم لولا كفرك بالأشباح والماورائيات، أمسك الغريب الغامض ذاك ياقة قميصك من الخلف بقوة وجلافة ثور إفريقي في موسم الحصاد، وانقض عليك بعنكبوتية ولزوجة لا تقل عن تلك التي هاجمت بها فتى الحلم، ثم أوسعك بقبضة يده عدد ضربات لا بأس بها على مؤخرة رأسك الذي حوله لبالون تدريب ملاكم مبتدئ طموح. لم تفدك سرب المَنْات واللِماذات التي كانت تزدحم حائمة فوق رأسك كالأغربة الممسوسة لبعض الوقت قبل أن تظلم الدنيا بعينيك في ثنيه عن عزمه، فقد اقتادك ذلك الـ أحدهم الغريب عنوة  وأودعك رهن الحبس رغم كل الذي فعلته للإنعتاق من قبضته ودون أن تجد إجابة لأي من تساؤلاتك وليدة تلك اللحظة.

لم تنته معاناتك مع فتى النص إلا حين إفاقة من إغماءة معتمة كنت قد استيقظت منها لتجدك قابعاً كفأر صغير مرعوب لا حول ولا قوة له بين جدران قاعة المحكمة الوطنية لحماية الذوق العام. كانت المحكمة ضاجة حد الطفح بالمهتمين بشأن قضيتك، غير أنك لم تحس بوجودك بين الجموع إلا لحظة سماعك صوت القاضي الأقرب لهزيم رعود ليلة أمازونية مطيرة عاصفة منه إلى صوت إنسان:

– السيد الذي لم نتمكن من معرفة اسمه الحقيقي إلى اللحظة، أنت متهم بإثارة الفوضى والإزعاج العام وممارسة الضحك غير المشروع  والتأمل العميق بجمال مشهد زرقة السماء بمياه النهر، الذي يحرّض الوجدان إلى رؤية الله فيه، والذي ربما بدوره يفضي بالسطحيين من ضعاف النفوس إلى الانتحار والاتحاد مع الله .. والعياذ بالله!

ثم أطرق إطراقة من ينتظر إجابة لسؤاله قبل أن يتابع في حنق وجفوة أكثر:

– كما أنك ظللت طويلاً تراوغ رجالنا بأسماءك المزيفة الكثيرة مرة فتى النص، ومرة فتى الحلم، ومرة آدماي ومرة…

– ما قولك؟

 لم تكن يا آدماي تعرف أو إن أردت تحرى الدقة تدربت على ميكانيكية ردود مثل تلك الأسئلة كما هي عادة العوام. فقط عبرّت عما اختلج بأحد أقبية ذاتك لا محدودة التشعب، بتقليل الحصار القوي الذي ضربته شفتاك الضامرتان على أسنانك منذ يوم الضحك القومي السنوي المنصرم، ودون أن يكون ذلك مصحوباً بأي صوت، افترّت شفتاك المزمومتان بتكاسل هو الغريب من نوعه منذ أن وطئت أقدام الكائنات المسماة بشراً الأرض، كاشفةً عن اسنانك الأمامية بسحر آسر، كتعبير فني عن انفعال غامض كان قد اعتراك لحظتها، وسط تيبس الجميع جراء موجات الاندهاش المتلاطمة التي عصفت بقاعة المحكمة. أطلق الأطباء والمحللين النفسيين على الطريقة الغريبة التي انتهجتها في التعبير عن انفعالك الغامض العرضي ذاك فيما بعد، مصطلح الإبتسامة –  Smile

 كان ابتكارك للإبتسامة كافياً لشخذ وتكالب أرتال من المنظمات والجمعيات الحقوقية المحلية والعالمية لتبني قضيتك التي أرّقت الشارعين المحلي والدولي إلى حد يصعب حتى التعبير عن بالغ القلق والتوتر حيالها بمختلف وسائل الإعلام كما هو حال كل مأساة انسانية تستوجب التعبير عن هذين الانفعالين المهمين بالأوساط الإعلامية، إلا أن في نهاية المطاف وبعد صراع دام بضعة أشهر، تبنت قضيتك المؤسسة الوطنية لرعاية ودعم الموهوبين”ردم”. مستغلة جهل منافسيها المحليين بالدستور الوطني؛ فصلاً متعلقاً بهذا الشأن من مواد الدستور الانتقالي للبلاد لسنة 2005 القائل:

– الما كفّى ناس البيت يحرم على الجيران.

والذي لم يتيقظ له أحد من بقية منافسي ردم المحليين كما أسلفت.

وللإنحسار حد التلاشي الذي بدأ يدب مؤخراً بمشعل الضوء الأعلامي المسلط صوب قضيتك؛ أفلحت ردم فقط بتخفيف غلظة حزمة التهم المحدقة نحوك، بأن برأتك من ثلاث أرباعها، فأعُدمت بتهمة واحدة فقط. الشروع في محاولة الإنتحار!. مؤلم؟! قل لي ماذا عسى ردم تفعل أكثر من ذلك بقضية كف الجميع إعارتها أدنى التفاتة؟!

ثلاثين غطسة كاملة أحرزها وطنك بمسنقعات آسنة لا قرار لها من الفساد والفوضى والحروب العبثية منذ إعدامك. لكن لا تزال روحك النقية ماثلة ببذخ ملوكي بملامح المبتسمين تهكماً او مرارةً، الملوحون بأصابعهم الوسطى بوجه الإنسانية جمعاء والآيلةِ بسقطاتٍ راتبة يوماً بعد الآخر إلى الـ…!!!

زر الذهاب إلى الأعلى