المؤلف: جاي سبولدنق
المترجم: أحمد المعتصم الشيخ
الناشر: هيئة الخرطوم للصحافة والنشر
تاريخ النشر: 2011
(من الظواهر الصحية أن ينظر الإنسان إلى أسلافه بالتجلة والاحترام والتفهم، وإن كان خياره في الحياة ألا يُقلد أفعالهم).
جاي سبولدنق
* يَبسِط كتاب (عصر البطولة في سنار) لمؤلفه جاي سبُولدنق ومُترجمه أحمد المعتصم الشيخ، معلومات كثيرة حول سلطنة الفونج في السودان (1504-1821) جاءت في أسلوب حكائي/ بحثي استند المؤلف في نسجه، على طيف واسع من الكتابات التي جاءت عن السودان، ويظهر ذلك جليا في الهوامش التي احتلت وحدها مايزيد على المائة صفحة من الكتاب.
* يُخبر سبولدنق عن الأيديولوجيا أو السبل التي استطاع عبرها (ملوك الشمس والظل) السيطرة على تلكم الأقوام المنتوعةَ الثقافات والأعراق والديانات، رغم إسلامية السلطة، إذ سلس لهم الحكم قبل انهيارهم، بواسطة مجموعة أعراف ومفاهيم، إسلامية وغير إسلامية، أدخلت في الثقافة الأفريقية، كالتي تقول بـ (الملك المقدس) الذي ينقذ الرعايا.
* يُنسَب لقب ملك الشمس والظل للسطان عمارة دُنقس، ومعناه (ملك الليل والنهار، والشمال والجنوب، والبيض والسود، والفونج والعوام، والأشياء الظاهرة والباطنة، والخاص والعام، والإسلامية وغير الإسلامية). ليتدرج للأسفل، سلم المرتبات ودرجات التقديس، عبر نظام إداري، يشغله حكام الأقاليم والنبلاء و”الإقطاعيين”، المتحكمين عبر هذا النظام، في كل موارد السلطنة من دنقلا حتى فازوغلي في النيل الأزرق، ومن البحر الأحمر حتى كردفان، ليزيد هذا قوة في الجنوب الغني، بواسطة ما يسميه سبولدنق سياسة (عدم الأمن المؤسسي).
سادة المدن الجديدة
* تمتع رجال الدين (الفقرا) والتجار، بوضعية قانونية متميزة، في سلطنة سنار، إذ كان السلاطين يمنحونهم الأراضي ويحمون حياتهم وتجارتهم، فالإسلام بالنسبة للسلاطين كان يعني إعطاء شخصية اعتبارية لسنار بين الأمم الأخرى، ويذكر سبولدنق ما يقوله الرواة عن رسالة سلطان سنار للسلطان العثماني سليم الأول (1512-1520) التي يخبره فيها بأن أهل سنار مسلمون، عندما هَمّ الأخير بغزوهم، ليصرف النظر عن الغزو بعد هذه الرسالة. كما كانت للسلاطين تجارتهم الخاصة، التي تحتاج لأولئك التجار حتى تصل الأسواق الخارجية.
* فقامت بالتالي مدن جديدة/ محميات، أنشأها (الفقرا) وفقا لقيم الدين، وتحولت التعبيرات التقليدية حول الهبات كـ (الحُجة السلطانية) و (الوثيقة العُرفية) إلى مصطلحات إسلامية مثل (الصدقة) و (الوقف)، فبرز تغير ثقافي وظهر المؤرخون ليبحث بعضهم حول سلطنة الفونج وقوائم ملوكها، بينما نظر آخرون إلى قصة دخول الاسلام للسودان، باعتبارها الماضي الجدير بالأهمية. أما ذوو الفكر المحدود، بحسب المؤلف، فكانو ينظرون لوضعهم الشخصي في هذا النظام الجديد، لتظهر دعاوى الانتساب لأسماء الصحابة البارزين في التاريخ الاسلامي، وسط القبائل والأسر السودانية.
إنقلاب أبو لِكِيلِك
* يُعلن سبولدنق منذ مقدمته لهذا الكتاب عن تعاطفه مع قادة سنار، خاصة أولئك الذين برزوا على مسرح الأحداث بعد الانقلاب الذي نفذه محمد أبو لكيلك في 1762 بمعاونة آخرين، ليرى أن ما هوى بأولئك الرجال، ليس ضعف مقدراتهم الشخصية، بل الضربات التي كانت تنزلها قيم النظام الاجتماعي الجديد بالنظام القديم. ويُمثل أبو لكيلك – المُتنازَع النسب- أبرز هؤلاء الرجال، فهو جندي أوصلته حنكته العسكرية وشجاعته الشخصية ليقود انقلاباً ضد سلطان سنار.
* عند إنقلاب أبو لكيلك تسلم الهمج سلطة الحكم في سنار، لكن تَبَدّلَ الحال عقب وفاته في 1775، ليصبح التنافس الشرس، بين الهمج والنبلاء التقليديين والطامحين، طابع العقود المُتبقية التي استمرت فيها دولة سنار حتى سقوطها 1821 تحت الغزو التركي. ليُساهم ذلك التنافس في دك مدينة أربجي وفي حريق سنار نفسها 1788، وقد حكم خلال تلك الفترة عشرة سلاطين، واستمرت الاغتيالات والمؤامرات وإعادة تنصيب الملوك حتى تسليم مملكة سنار من قبل السلطان بادي للأتراك.
المؤلف والمترجم في سطور
جاي سبولدنق كاتب أمريكي يجيد العربية وعدد من اللغات الشرقية واللاتينية، قدم إلى السودان في نهاية ستينيات القرن الماضي طالبا للدكتورة، والكتاب في الأصل أطروحته للدكتوراة عن دولة الفونج. أما المترجم د. أحمد المعتصم الشيخ فهو كاتب وباحث له كتاب بعنوان “أحاجي الرباطاب” وآخر بعنوان ” مملكة الأبواب المسيحية وزمن العنج”.