( )
هل جربت أن تكون أحداً ما وتكون أنت أنت، أنت اللست متماهياً مع أحد ما، بل أنت أنت، مخلوط بالأحد ما؛ بالجزيئات المتقابلة؛ بالتنافرات متدثراً و ملفوحاً بها.
في حياتك التي هي مختبر كيميائي؛ خلط المركبات للتراكيب، والنجاة من غازات الانفجار أقل من المعدل ربما تنفجر وأكثره التعايش مع الانفجارات والتحاور معها.
في حياتك التي، عندما كنت غاضباً، خيل إليك بركان خامد أنك الحمم التي تستطيع إذابة اللحم البشري وهياكله بلا الصفع، أنت تصفع بالإذابة، أنت من شدتك تجعله يذوب وغير قادر على كشح نفسه في وعاء عرفه وتآلف معه، لقد جعلته يذوب وحيداً، وأنت كذلك وحيداً في غضبك.
في حياتك التي، وأنت منتشياً جعلت التعابير لا تسع، وكلما وسعت، وسعت العبارة، وكلما وسعت، وسعت منافذ اللغات، وكلما وسعت أكثر تمازجت نبراتك في نبرة واحدة؛ انت بلا فهيم غيرك؛ أنت المستمع معك كلما تحدثت؛ الضاحك معك كلما ضحكت؛ أنت المنتشي الذي يحس بإلف كلمةٍ بلا تراكيب الهمز والوصل؛ وصالك هم وصالك، وهم الذين يقولون لك نحن نفهم، نحن نحس، وأنت الواقع في التلعثم المستمر؛ المنحدر الذي لا يقف ولا يهتم؛ أنت لست الماء؛ لست الشفاف؛ لست كلمة الواهب للحياة؛ أنت مرجان متشعب؛ صوت ما هو مسكوب؛ المسكوب في بئر حلوقهم؛ الشلال الذي يشل كلما تكلم؛ الشلال الذي يحفر أكثر كلما وقع؛ بهذا يمكن أن أقول بأنك لست البحر، بل أنت مجازه المتمدد؛ إنك البحر ملاقي القيف؛ البحر كلما اشتاق لدوامة الأعاصير؛ البحر كما لم تره، وكما رأيته في المرة الأولى؛ البحر كلما أصدر صوتاً كان اسمه: تعال ياعلوي.
في حياتك عندما كنت ولاتكون، خُيل إليك الأوتار ذاهبة وآتية، ذلك صوت الوتر وهو حرفنة، وأنك دائماً تأتي، ودائماً تذهب، ودائماً أنت حبل المواصيل، تأتي بلا نده، وتأتي بسيرتك؛ يكون لقائك هكذا، بحضورك في تخيلك الآن وأنت معنا، وحضورك في تخيل سيرتك. بمعنى أكثر، دائماً ما نلتقيك في خط المنتصف الذي يمكنك فيه العودة، والذي يمكنك فيه المضي بلا أحمال يا صاحب؛ بمسارات التوهان اللانهائية دائماً ما تأتي ودائماً ما نستقبلك؛ دائماً ما تأتي ودائما ما تستقبلنا. في تجارب المبادلات هذه، وفي الغرف التي بأكواب الشوق وعصير الاستقبال، وبكل هذا وبك يا لا ضيف؛ أنت لست ضيف المائدة؛ أنت المائدة والكرسي الذي لا يحتار في أين المقاعد.