بعيداً عن السياسة قريباً من الواقع

أجتهد قدر استطاعتي في الكتابة بموضوعية بعيداً عن الأجندة السياسية كما تعودت منذ أن كنت في السودان تحت وطأة النظام البائد وقيوده المفروضة على النشر، بل أصبحت أكثر حرصاً على هذه الموضوعية وأنا أستمتع بحريتي كاملة في هذه الدول القارة، دون استغلال مخل للحريات هنا أوهناك التي استغلها بعض أعداء ثورة ديسمبر الشعبية للهجوم على الحكومة الانتقالية المحددة المهام والمحدودة الإمكانيات خاصة بعد السيول والفيضان وآثارها الموجعة على الموطنين وممتلكاتهم.
لذلك انتقدت أداء بعض الصحف وأجهزة الإعلام التي غرقت في مياه الفيضان وأصبحت تركز بصورة متعمدة على جوانب القصور في أداء الحكومة الانتقالية وولاة الولايات، رغم الكثير من الجوانب الإيجابية خاصة من المواطنين البسطاء الذين تنادوا كعهدهم لتتريس المناطق التي كسر فيها الفيضان ونجحوا في محاصرة تمدد المياه على قدر استطاعتهم.
حتى المساعدات الخارجية المقدرة التي انهمرت على السودان من الدول الشقيقة والصديقة ومن كل أنحاء العالم ومن المنظمات الإقليمية والدولية لم تجد حظها من المتابعة الميدانية لمعرفة كيفية وصول هذه المساعدات للمواطنين في المناطق المتضررة في ولايات السودان المختلفة.
وسط هذا الظرف المأساوي الذي يتطلب تضافر الجهود الرسمية مع الشعبية لدرء آثار السيول والفيضان، خاصة من القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى التي كانت في ظل النظام البائد تُستغل في قمع المتظاهرين السلميين وإرهابهم والتعدي عليهم، أصبحت للأسف تقف بعيداً عن ما يجري في بلدهم ووسط مواطنيهم رغم إمكانياتهم الكبيرة التي كان من المؤمل أن تسهم مع المواطنين في درء آثار السيول والفيضان وفي توصيل المساعدات للمتضررين في كل ولايات السودان والمساعدة في عمليات الإيواء الجارية.
لقد ظللنا نؤكد أهمية الحفاظ على الشراكة المدنية العسكرية -على علاتها- في هذه المرحلة الانتقالية دون تغول على المهام والسلطات الموكولة لكل في مجال دوره المهني، وننبه أيضاً إلى أن أي محاولة لتعميق هوة الخلاف وسط شركاء الفترة الانتقالية لن يخدم للسودان ولا لأي طرف قضية.
حفظ الله السودان وأهله حتى تستطيع الحكومة الانتقالية تجاوز التحديات والأزمات والمصاعب القائمة واستكمال تحقيق تطلعات المواطنين في تحقيق السلام والديمقراطية والعدالة والتنمية المتوازنة والحياة الحرة الكريمة للجميع.