توابيت الذاكرة
مبتلاة بقلب لا ينسى وذاكرة لا تخونْ
ما بين القلب والذاكرة
وذاك الوهم
أن الزمن كفيل بالنسيان والمداوة.
نحن عالقون، القلب لا ينسى
أول الطارقين ولا آخر المغادرين.
القلب لا ينسى شهقات الفرح
ولا زفرات الحنين والأنين
القلب لا ينسى سكانه
المغادرين طوعاً أو قسراً
فعند المغادرة يبقى فقط أثرها اللعين
القلب لا ينسى العابرين
والمارين مرور الكرام
ولا حتى أصحاب المرور اللئيم
القلب لا ينسى قصص النجاح
وسيان قصص الفشل ووعورة السُّبل
وهنا فقط يأتي أوان الزمن
ذاك المتهم البريء
همزة الوصل التي تعني الفراق
بترحيل كلما سبق
بإقامة دائمة في توابيت الذاكرة
في الفجوة العميقة هناك
حيث لا شيء
سوى ما نود الاختباء منه وعنه
ومالم نستطع الحصول عليه فقمنا بوأده
توابيت سوداء وأخرى ملونة
توابيت من فولاذ وأخرى من طين
مزهرة رغم الموات
يغلق التوابيت
ويمضي الزمن لا به ولا عليه
وتبقى الحقيقة أنهم أحياء
بداخل التوابيت كلهم أحياء
نذرفهم دموعا ونسرقهم ابتسامات
نشعرهم كنصل
يغوص في خاصرة أيامنا ولحظاتنا القادمة
نبذرهم في سنوات عمرنا بشتى الطرق
بعظة وعبرة
برمز وفكرة
بإسم ورمز
بقصة ولوحة
ونبقى
رهائن الوفاء نحن أمواتنا أحياء
ويبقى القلب
لا ينسى ولا يتوب
وتبقى الذاكرة لاتخون
لا تكتفي ولا تمتلئ
لكل مكانه وفعله المعجون بالحضور
وبينهما الزمن
طريقاً بلا رجوع لتوابيت الذاكرة.