غوايات

غرفة مُنيرة/ غرفة مُظلمة

خلفَ ستائرِ الأولى

كان طيفٌ كسولٌ يعبرُ الرُّدهة

ولما كانت ريحٌ تُحرِّكُها

كم بدا الظلُّ المتموِّجُ عبرها هشَّاً

وكم بدا أنهُ أنثى أكثرَ من أيِّ شيءٍ آخر

وعبر ستائرِ الغرفةِ الأخرى

تلك المقابلة لتك المنيرة

بدا جليَّاً لنا أنَّ بإمكانِنا لو فتحنا فقط فمَنا..

 أن نَعلَكَ أغنيةً ما

لفنانٍ ما، كان مايكل جاكسون

لا نرى شيئاً، ولكن بإمكانِنا

وما إن فتحنا فمَنا..

علكَ أيَّ شيءٍّ هُناك

بدا الطيفُ أكثرَ توجُّساً لنا

حينما توقفَ لحظةً، ثم خَطَا

نستديرُ، الآنَ بإمكانِنا

أن نقِفَ على أمشاطِنا

مُقلِّدينَ رقصةَ جاكسون

نستديرُ، لا أثرَ للطَّيفِ

نقولُ: ربما ذهبَ يتبوَّل

أو ذهب للخِزانةِ لأخذِ كتابٍ أو قُرصٍ مُنوِّم

حسناً، لدينا غرفةً أخرى تُلهِينا

رفرفتْ ستائرُ تلك المُظلمة

وتشمَّمنا بحاسةٍ كلبيةٍ

رائحةَ سجائرٍ ما، لعلَّها دانهيل

وقلنا: هُناكَ أحدٌ ما، أحدٌ ما هُناك

لم يَعُدِ الطيفُ، الطيفُ لم يَعُد

ارتفع صوتُ الأغنيةِ، ارتفعَ كثيراً

أحدٌ ما مُؤكَّد، أصابعُ أحدٍ ما مُؤكَّدة

تلك التي حرَّكت مُؤشِّرَ الصَّوتِ

هذا ما أكَّدَ لنا أنَّ: شخصاً ما هُناك

عاد الطَّيفُ، الطَّيفُ عاد

آهٍ تهيَّأ لنا، لم يَعُدِ الطَّيفُ

نستديرُ، نفتحُ فمَنا هذه المرَّةِ جيِّداً

ونبتلِعُ صوتَ ارتطامِ مِلعقةٍ بصحنٍ رِخاميّ

قلنا: الرجلُ خلفَ العَتمة

 افترضناهُ رجلاً..

كان بإمكانهِ أن يكونَ امراةً

لكن هكذا، افترضناهُ رجلاً

يتناولُ وجبتهُ وحيداً وحزيناً

هل عادَ الطيفُ؟

 استدَرنا..

تأكَّدنا تماماً هذه المرة،

الطيفُ لم يَعُد ..

ولم تَزَلِ الرِّيحُ تفُضُّ أغنياتِ جاكسون

ولم تَزَلْ نكهةُ الدَّانهيل عابقةٌ

بينما توقفَ ارتِطامُ المائدة

في اللحظةِ التي،

سمِعنا فيها ونحنُ نفتحُ فمَنا على آخِرِه صريرٌ مَرِحٌ

لا يمكنُ أن يكونَ

إلا لقبلاتٍ حارقاتٍ

فالرجلُ لم يَعُد وحيداً – قدَّرنا –

والطيفُ؟

  الطيفُ لم يَعُد

موافي يوسف

كاتب من السودان
زر الذهاب إلى الأعلى