شهادات
مع وئام غداس
الشاعرة التونسية وئام غداس لـ(البعيد):
• نكتب لأننا نريد أن نعيش دون أن يقتلنا أعداء الحياة
• أهم ما يعجبني فيما يكتب سودانياً الطاقة التجريبية التي تنهمك دوماً في التجديد شكلاً ومضموناً
• هنالك مسافة توجد بين البعض وما يكتبونه وهذا لا يروق لي
تعتبر الشاعرة وئام غداس من جيل يحمل جذوة التجديد في الشعر التونسي والعربي بيديه بينما يدفع بقلبه عجلة الابداع، وتمثل كتابتها مشروعاً شعرياً ينبت في البلاد الخضراء التي تحتشد بالأدباء والشعراء، ووئام تشق طريقها وسط الجميع بنفاذية رؤاها واختلاف مفرداتها، تقول إن الشعر هو هاجسي الأول والأخير طيلة حياتي وهو أكثر ممارساتي قرباً لروحي، عندما أكتب الشعر أكون أنا، وترى وئام أن التغييرات السياسية التي حدثت في تونس مؤخراً ألقت بأعبائها عليهم كمثقفين بالحفاظ على الحرية والمثابرة في الحفاظ على الديمقراطية بمزيد من الحرية والمكابدة، وئام غداس، كاتبة وشاعرة ناشطة؛ التقيناها، وتحدثت إلينا حول الكتابة، والشعر، والحياة والمتغيرات التي تمر بها تونس وأثرها على الابداع:
• كيف تنظر وئام إلى حركة الشعر العربي المتواصلة منذ أزل بعيد وإلى قصيدة النثر الآن؛ وكيف ترين إلى مستقبل القصيدة شكلاً ومضموناً؟؟
لم تأت مقولة (الشعر ديوان العرب) من فراغ. إذا ارتبطت هذه العبارة من حيث ديمومتها بديمومة الفعل الشعري وارتباطه بالذائقة العربية الشعرية. لقد خضعت الحركة الشعرية العربية للعديد من التطورات الطبيعية في مسار القصيدة شكلاً ومضموناً. وتلك التطورات أخذت أشكالاً تجريبية، منها ما قد فرضته فضاءات القصيدة ذاتها ومنها ما فرضه التعالق مع الآخر وتلاقح الثقافات، لنصل إلى ما اصطلح على تسميته بقصيدة النثر، التي يعارضها نفر من الشعراء و يؤيدها نفر آخر. بمعنى أن السجال ما يزال دائراً حولها. لذلك أرى أنها –أي قصيدة النثر- قد فرضت نفسها دون أن تلغي الأشكال الشعرية الأخرى. بالنسبة لي كشاعرة تتلمس خطاها الأولى أرى أن حركة الشعر العربي بخير، وهي متواصلة وستبقى، ليس لأن الشعر فقط ديوان العرب بل لأنه فضاءنا الفسيح الذي في غيابه سوب تغيب الحياة.
• من هي وئام ؟؟ وماذا تريد أن تفعل بالشعر ؟؟
كان عليك أن تقول ماذا يريد أن يفعل بك الشعر؟ أنا لم أذهب إليه ولو مرة واحدة بل هو من يأتيني، وكل ما علي هو أن أمتثل لأوامره ورؤاه التي تصيبني بدوخته اللذيذة. ربما هذه الإجابة تفي بأن أجتهد بالحديث عن نفسي كوئام.
• يقول الشاعر السوداني محمد المهدي المجذوب ـ وهو أحد رواد الشعر الحديث في السودان ـ “إنني أحلم بجيل يجعل الكتابة جزءاً من العيش كشرب الماء؛ هل وصلت الكتابة لديك هذا الحد ؟؟
كشرب الماء ؟؟ بل هي الماء بحد ذاته. الماء الذي لا أنقطع عن شربه. فيومي من أوله حتى نهايته لا يتعدى كونه شعراً خالصاً. ربما هذا هو المنظار الوحيد الذي يجعلني أتقبل ما يحدث في الحياة ولها كل يوم. فالشاعر أو الشاعرة حينما يضع قدمه في دائرة الشعر الفسيحة لا يمكن له مغادرتها، فتغدو عبارة عن ورطة ولكنها ورطة جميلة، توفر له فرصة أن يرى نفسه، وعبر نفسه يرى الكون، وما وراء الكون.
• حدثينا عن علاقتك بالأدب السوداني، رواية، قصة، شعر، وهل لديك معرفة بالمشهد الثقافي السوداني مثلاً ؟؟
الأدب السوداني أدب عريق على مختلف الأصعدة، شعراً ورواية وقصة. وأهم ما يعجبني فيما يكتب سودانياً هي تلك الطاقة التجريبية التي تنهمك دوماً في التجديد شكلاً و مضموناً. لذا أعتبر نفسي من المتابعات الجيدات للأدب السوداني إضافة إلى متابعاتي في باقي الآداب العربية، التي يجب أن تأخذ حقها من الرواج، والوصول ليد القارئ العربي والعالمي.
• كيف ترتكب وئام الحياة؛ كشاعرة، أم كوئام ؛ وهل ثمة فرق ؟؟
لا فرق بيننا. فنحن كائن واحد. أو على الأقل هذا ما اسعى إليه. هنالك ثمة مسافات توجد مابين البعض وما بين كتاباتهم وهذا لا يروق لي. إن لم تكن أنت قصيدتك وقصيدتك أنت، فهذا يعني أن هنالك خللاً في وزن رؤاك.
• هل بوسعك أن تكتبي قصيدة كل يوم ؟؟
بالطبع لا. فهذا ترف لا يحيل إلى إلى قصائد ستبقى تكرر نفسها. القصيدة ابنة شرعية للنبض اليومي. واليومي في كثير من حالاته يخضع للتكرار. كل ما على الشاعر الحذق أن ينمي أدواته لتلتقط المتفرد والمدهس الذي في الأصل هو أساس القصيدة التي إن خلت من الدهشة ستفقد إيقاعها الخاص المعني بإنارة ذلك الضوء في عتمة الحياة.
• لماذا الشعر يا وئام ؟؟
وهل تقبل مني السؤال التالي ( لماذا الحياة) . إنهما متوازيان. الشعر هو سكة القطار. والقطار هو الحياة. أرأيت كم هما متوازيان. نكتب لأننا نريد أن نعيش دون أن يقتلنا أعداء الحياة. الحياة التي بالشعر نزيل عن جبينها غبار التطرف والموت ونغسلها بماء الحب.
• ثمة متغيرات سياسية كثيرة حدثت في تونس في الفترة الأخيرة، كيف ترين أثرها على المشهد الثقافي التونسي وما دور المثقفين التونسيين في التغيير الذي يحدث ؟؟
أكثر ما يقلقني هو فضاء الحرية الذي علينا أن نحافظ عليه، ونعمل على تطويره. فلا يمكن لأي مجتمع أن يتطور دون حرية أصيلة تنسحب على جميع مناحي الحياة، خصوصا الفضاء الإبداعي الذي دون حرية سيبقى محض استعراضات فارغة. .. بالتالي شرط الابداع هو الحريّة بالنسبة لي و صدقاً يمكنني القول أن تونس بعد الثورة تشهد تصاعدا في نسبة الحريّة في الابداع و التعبير بشتي الطرق الفنيّة و أن المناخ صار ديمقراطيا أكثر مع بعض التعثر وهو نعثر البدايات و لكن نأمل مزيدا من الحرية ومزيدا في تشجيع الفنّ بمختلف أنواعه على العطاء بلا قيود أو شروط أيضا مزيدا من الالتفات للثقافة من شعر وأدب و مسرح وسينما و غيره و ايلاءها كثيرا من الاحاطة والدعم لأن هذا مهمّ جداً في رأيي برقيّ الشعوب، فأثر الفنّ أسرع على المجتمع من شتى الممارسات الأخرى على مدِّ العصور .