ثمار

أحادِيثٌ حدِيثةٌ


لو انكببتَ على الشِّعرِ لاغتالَنِي

اكتفِيتُ من دحرجةِ الشِّعرِ على بِساطِ الأيَّامِ
سأدعَهُ في جداوِلِهِ المُحترِقةَ
وألهثُ وراء شهواتِ الرُّوحُ

قلنا: وطنٌ بحرُ
أرسِينَا السَّفائِنَ بِمتنِهِ، وأرَّخنَا لِغمامِنَا
فقالُوا: غاضَ الماءُ وامتلأَ الحوض دمٌ

وهكذا
ظلَّتْ سِيرُ الثُّوراتِ بين الورى يُوقِدُهَا النَّارِيونْ ويغتصِبُهَا الزُّناةُ

نترجِمُكِ يا بِلادِي الحائِرةُ على صفحاتِ القلوبِ
نترجِمُكِ أشعاراً ثائِرةً تهدُرُ في حناجِرِ الشُّعُوبِ
كم أوقعُوكِ في شِراكِ التَّناحُرِ، أرهقُوكِ بِالحروبِ
بيد إنَّا نظلُّ ناهِضُونَ بِعزمٍ لِدحرِ شتَّى الكُرُوبِ

ومن طبعٍ اللِّئامِ أنَّهُمُ
ينسُونَ عُبُورَهُمْ على ظهرِكَ

القصِيدةُ نزفُ الرُّوحِ لِبُهرجِهَا المُزركشِ
القصِيدةُ حانةٌ يلِجُ الثَّمِلُ مسرحَهَا
أين اِختبأَ الغِناءُ؟
أين توارتْ الأقدامُ الرَّاقِصةُ؟
من غيرِ الواضِحِ
أ نسجتْ القصِيدةُ قِوامَهَا على جِذعِهَا أَم جِع.هَا!

سقطَ في شرنقةِ الدَّمِ، من بين الأيادِيَّ المُكبلةِ، وطنٌ
ودحرجتْهُ
أقدامٌ مُهروِلةً إلى الظِّلِّ، وتناهشتْهُ
الأفئِدةُ المُهشَّمَةُ

اختفتْ قصائدِي من الذَّاكِرةِ
هل عُدتُ إلى السَّابِعةِ؟
وماتتْ، في المسافةِ بينَ الصَّلاةِ والصَّلاةِ، ارتحالاتُ قلبِي بغاباتِ الكِتابةِ
شبحٌ شاحِبٌ باتَ خطوِي
أشاح الشَّارِعُ عن صدى اندفاعِي القدِيمِ إلى أرصفتِهِ
امرأتانِ أدارتا شغبَ نظراتِي المكسُورةِ عبر نوافِذِ الكلامِ
بكيتُ بلا أدمُعٍ، ارتعشتُ خارِجَ جِلدِي، وانتهِيتُ
صفحاتٌ بيضاءَ طيَّ كِتاب

سأحرِزُ هدفًاً في مرمايَّ فورَ استلامِيَّ لِلكُرةِ، وأفرحُ جدّاً، أرقُصُ سكراناً بِالنَّشوةِ، وأضعُ الكُرةَ
عند أقدامِ الخصمِ

لم يدعِ الأسى في الجوارِحِ من محلٍّ

أحصيتُ أصابِعِيَّ
قالتْ حبِيبتِي: سبعَ
ابنِي: سبعُونَ
ابنتِي: أصابِعُكَ قمِيصِي

قال القتْلى
تعالوا إلى كلِمةٍ سواءٍ
أسفلَ كُلُّ فناءٍ حياةُ، وفوق البقاءِ بغاء

كُنْ أجِيراً بِالمحبَّةِ لا سيِّداً بِالبغضِ…

في المُوسِيقَى يتخفَّى نبضُكِ، والوقتُ يأخُذَ على أصابِعِهِ رُوحِي، من أخمصِهَا، لعناقِ خُطُواتِكِ المطرُ

أقُولُ لِحدائِقِهَا في القلبِ
إِنِّي الماء، وقد أغرقنِي الوردُ

في شارِعِ النَّسيانِ، رِفقةَ حُضُورُكِ الأسِرُ
أُهروِلُ، غابةٌ شائِكَةٌ من الذِّكرياتِ، والأُنسِ المحفُورِ بين طيَّاتِ القلبِ

قلبِي حافٍ، وكلِماتِي نبضُ
أغنِياتِي عُرسُ، وحنِينِي الجارِفُ أنتِ
أنتِ المعانِي بين لمعةِ الابتِسامِ، وأنتِ المعانِي بين أوراقِ السَّلامِ، أنتِ الرَّقصُ المُحرَّرُ من الحركاتِ، المشيُ، مسافاتُ الشَّجنُ، وغاباتُ غِيابِي وراءَ المرايا…
وأُحِبُّكِ أنتِ

قصَّ عليَّ
كيف غمرتْهُ الدُّنِيا بِفُيُوضِ حزنٍ
كيف ماطلَ العُبُورَ على مركِبِ نجاةٍ بِاتِّجاهِ ضفةٍ ثالِثةً، و
كيف صعدَ بِالحُبِّ إلى اليابِسةِ، وطفِقَ يُجفِفُ اللَّيلَ العالِقِ بِنبضِهِ…

لما التقيتُهَا كانت تُعدُّ الشَّاطِئ لِمراكبي التَّائِهِة
امرأَةٌ بِضفائِرَ من ماءٍ وطيشٍ
تُغنِّينَ ماذا؟ رُوحُكِ الغِناء
والكلِماتُ ملامِحُكِ
ورقصِي المُضطربَ إِجاباتُ قلبِي على مجازاتِ العشق
وأيُّ بابٌ لِبيتٍ هذا الفضاء؟
وأيُّ احتِواء؟

امرأةٌ ممضُوغةُ الفُؤادِ التقتْ بِقلبٍ غابةٍ، أقامتْ عليهِ عُرسَ نواياهَا، أحكمتْ إِغلاقَهُ، وانسلَّتْ إلى الفضاءِ

النَّهْرُ يدِي
والأوراقُ التي تُنْقِرَ العصافِيرُ قلبَهَا أُغنياتِي المبْثُوثةُ في غاباتِ الله
وأنا رائِحةٌ انتشرتْ من بين أشجارٍ تظِلُّ غيابَ أُنثاي

أكتُبُ لِأَنَّ لا شُغلَ لِقلبِي سوى مُلاحقةِ الحركاتِ

مُعطَّلةٌ عربةُ أحلامِكَ
ومن مساراتٍ مُتعرِّجةٍ تتهادى نحوكَ الأيَّامُ معبأَةٌ أكُفُّهَا بِالصَّفعاتِ
ها أنتَ ترفعُ كفَّيكَ اتِّقاءُ الِانجِرافَ إلى الهاوِيةِ

استخدمنِي الزَّمنُ في دفعِ شوكتِهِ بِالشَّجنِ
الأُغنِياتُ من طِينٍ وعَصبٍ، والقُلُوبُ رِقَّةً تتقطَّرُ
خبطُ خُطُواتِي على الأرصِفةِ رقصٌ، وأمنِياتٌ مُغلَّفةً بِالوطنِ

إن العُمرَ قلِيلٌ، وأكثرُ ما فِيهِ الجِراحُ
و الأيَّامُ كثِيراتٌ، وقلِيلٌ هن الصَّباحُ
جوعى فرحٍ غَضٍّ، فاستطالَ النَّواحُ
أراقتْنَا البِلادُ دماً هل يجدِنَا الصِّياحُ؟

دِيسِمبِرُ كُلِّ عامٍ
أفتشُ عن وطنٍ بِكِتابِ الأحلامِ
فيمحُوهُ الجيشويدُ

مدَّتِ الحربُ ذِراعَيْهَا
واحتوتنِي، أنا البِلادُ المُنطوِيةُ في مأتَمٍ، و
أشعلتْ بِالدِّفءِ القاتِلِ قلبِي
مشتْ بِالحُرَقةِ في الضُّلُوعِ
صرختُ فرطُ الانتِشاءِ
أيا لحظاتَ الأشجانُ الكُبرى انتفضي
اشتبكتْ غاباتُ نفسِي، أفضيتُ لِلوُحُوشِ التي مزَّقتْ شجرِي عن عزائِمِي، أقِمتُ مأدُبةَ عُرسٍ للذئابِ… وانتبهتُ، انتبهتُ إلى
افراطِي في الإِفراطِ
استِبدادِ بعضِي على بعضِي
الأجراسِ المُجلجلةِ في مسمعِي
طنِينِ الذَّهبِ
ولِأشلائِي المُشتَّتةَ…
فما الحربُ؟

بِقدمٍ واحِدةٍ أُهروِلُ محزُوناً على بِساطِ الأيَّامِ، وبِالأُخرى أقِفُ مُتأهِّباً لِنِزالِ الوقتِ على شارِعٍ خالٍ من المارَّةِ

أيَّامٌ مسحُوبهٌ من كِتابِ الوقتِ
—————
ظلَّتْ، امرأةٌ في زمانٍ قتِيلٍ، تعتنِقُنِي كقارُورةِ عرقٍ بلدِي
ابتلِعُ مثلُ غابةٍ تضارِيسهَا طوالَ أيَّامٌ مسحُوبهٌ من كِتابِ أوقاتِي المُسترسِلةُ في الطُّمأنِينةِ
لا أحدَ، سِواي، يُراقِبُ السَّهرَ المُبتَّلُ بِالفوضى
أُرتِّبُ حِممَ حمِيمِيتهَا داخِلَ الرُّوحِ
شعرُهَا المُستلقِي أسفلَ ظهرِهَا يسبحُ بين أصابِعِي
كم راقبتُ تقلُّباتهَا عقِبَ الكأسِ السَّابِعِ
تُخرِجَ لِي رقصاتً قدِيمةٍ من خبايا جسَدِهَا المُتناسقِ
وتُشكِّلُ أطيافَ حنِينِهَا لِأزمِنةٍ تخُصُّهَا بِالدُّمُوعِ
رقصاتٌ وادَّمُعٌ أشربهُمَا في انسِجامٍ رُوحِي مع تبدَّلَ مَسْأَسَاتُهَا لِلحظةِ
ثُمَّ تغيبَ بِرفقِي في بساتِينِ اللَّيلِ
فأعُودُ لهزِّ فاسِي واحتِطابِ مساراتِ المسامِّ طيِّة طَيِّة…

ابقَ حيثُ أنتَ
سيهبطُ، يرتفعُ، يتدحرَّجُ إليكَ كُلُّ شيء

الزَّمنُ رمى ضِحكتَهُ السَّافِرةِ في لِسانِي
تآلفتُ وفاضِحُ القهقهاتِ أعمارا
هل رافقتنِي المرايا؟

أستجوبُ المسافاتَ عن الحنينِ والظُّنُونِ

“أيقتلك البرد؟
أنا يقتلني نصف الدّفء، ونصف الموقف أكثر.”
•مظفر النوّاب•

“أيقتلك الغياب؟
أنا يقتلني الحضور الباهت الذي يشبه العدم!”
•محمود درويش•

“أيقتلك الضمير؟
أنا تقتلني الإنسانية المقعَدَة وَدُودُ الصّمت الذي ينخر لسانها.”
•عنفوان فؤاد•

“أيقتُلُكَ الزَّمنُ؟
أنا يقتُلُنِي الشَّجنُ، ألا يبقى في النَّاسِ حِسٌّ، ويُعبِئُ الأرواحَ الوهنُ”

زر الذهاب إلى الأعلى