شهادات

في صحة الموت من أجل الحياة

هل هناك طريقة لطيفة للتخلي عن تزيين الموت؟إذن لا تجازف بالتنازل عن جماليات الحياة من أجل رد فعل متاهة اللغة الماكرة. كما لا توجد طريقة لإيقاف الموت  فقط عليك أن تدير مقبض الباب بصورة خلابة وتدعوه للدخول في شكل قصيدة شعر..  والشعر هو ما يحفظ الروح من عذاب الوقت والخيبة. شكرا جزيلا يا عبد الوهاب! ها نحن نعطس لرد الروح  في كأس نخبك. اذهب إلى موتك أليس هذا ما كنت تدرب ضحكتك الجديدة من أجله؟ شخصيا لا أحب أبدًا أن أفتح فمي كثيرًا في حضرة الغياب الأبدي فكل ما استطيع فعله هو أن أسند الباب بجسدي  وأصرخ:
” ها أنذا على ضفافِ ليلةٍ يتخثر الدم في أوردتها

وحيداً، يبتلعني تيه الأزمنة الهاربة،

حثيثًا نحو مستنقعات البؤس والفجيعة

في عزلةٍ مميتةٍ موحشة

في غربةٍ تمتص دم الوقت

فيقع جثةً ناشِفةً بلا حراك؛

سأكونُ ناجيًا مِن موتٍ إلى موتٍ أكثر وحشةً”

استطاع عبدالوهاب أن يخلق لنفسه الإقليم الشعري الذي كون نفسه فيه، على الأقل افتراضيا، واستطاع  أن يدمج مع التشاؤم تشبع الحياة  بالحب والجمال المطلق، رغم  المخاوف والشكوك والألم والموت، وعلينا أن نقرأ قصائد عبدالوهاب ليس كقصائد منفصلة ، ولكن كقصيدة واحدة قيد التنفيذ؛ لا تنتهي بالموت. هذه الوحدة في قصائد عبد الوهاب هي خلوده  كأورفيوس الذي حرك العالم بأغنياته!

كثيرًا ما كنتُ رجل حماقاتٍ مجدِّفٍ

غير مبالٍ بخرابِ العالمِ

وغير حريص أيضًا على نجاته

مِن حتفه المحتوم

ولكنّي رغم ذلك

لم أقتل يومًا قصيدةً في الحنجرةِ

كل الذي فعلته هو أنني اقترفت الحب ؛

حب الناس ، المرأة والكتابة

……………………………..

أنا لا يقتلني أي شيء

لا حبي للمرأة

لا حبي للشِّعر والكتابة

ولا حتى حبي لسلخَ جلد التأريخ ؛

إن ما يقتلني صِدقًا

هو حبي للحياة

إن ما يقتلني فقط

هو حبي للتحليقَ بعيدًا خارج الزمن

وخارج كل شيء

إن ما يقتلني

هو حبي للحرية

…………………………

أمر ما سوف يحدث وأنتَ وحيد

في آخر الليل تقف خلف نافذة

في صمتٍ

تحدِّق في جسدِ الليلِ الشاحب

أمر ما سوف يحدث

وأنتَ في صمتِ الموتى

تلوك وحشة الأمكنة

التي تمتص دم الروح

…………………………..

رغم شرانق الموت التي تلتفُّ

حول عنقي

فتمنع عنّي شهقة الضوء

لم أحاول يومًا قط التملُّص منها

لم أهرب أبدًا

بدلًا مِن ذلك

وقفتُ في وجهها

واجهتها بجسارةِ المهزومِ

الذي لا ينتظر غير هزيمة وشيكة

كنتُ أريد أن أمنحها

شرف غسل روحي مِن غبارِ الحزن

شرف حملي بعيدًا

عن مستنقع الألم الذي أبدًا لن ينضب

أردتُ أن أهبها رقصة فالس أخيرة

على بساطِ الليل

قبل أن أعانق رعشة الضوء

التي تنبعث مِن شمس النهاية

زر الذهاب إلى الأعلى