الأغبياء
سنُتِم الذي قد بدأْ، الحبال ممددة كالشرايين في قلب صلصالنا، حولنا نهرٌ جفَّ، والمطر الموسمي سيملؤه بدمٍ ساخنٍ، فاتركوا عُلب الانتظار على وضعها؛ في أماكنها.
ههنا اشرئبّوا، إذا انطلق الرعد فانطلقوا خلفه كالضباع، وعودوا بمقدار ما تحمل الاحتمالات للنبض، إنا إذا بدأ الشوط لا بد أن نتخطى المراحل، نطوي المجال كما يثب الكنغر الأسترالي في السينما؛ لِنُتمّ الذي لم يكن قد بدأ..
لم يزل ثم وقت: لنكسر ركنين، نبني هنا طابقًا، ونزحزح هذا قليلاً إلى الخلف، بين هُويِّ المدك وبين الدويِّ كخطفة برقٍ.. خذوا هذه من هنا.. واجعلوها هناك. وخذوا هذه واجعلوها هنا..الأوامر طائرة دون طيارها، كلهم قائدٌ، ورعية!
ما الذي أخر ابن الزناة فلم يجلبوا حطباً لاشتعال الزمن؟!
ما الذي عجل ابن الحرام فأطفأنا واضعًا في يد الشمس فرصة إذلالنا؟!
قالت امرأةٌ من أقاصي تهاويل عاداتهم:
شعلة الفرْج ـ هل تعلمون! ـ بإمكانها وحدها سحب بارجة الحرب عبر الصحاري.
اتركوا كل شيء، وعودوا غدا.. كي نتم الذي قد بدأ.
عملٌ رائع، رغم تعقيده، كمؤامرةٍ لاغتيال الرئيس، قبيل اكتشاف الدخان! إنهم فضلوا أن يموتوا على أن يتوج موتهم المجد، لم يحلموا مرةً. كان مقدورهم ملعبًا تستطيع المجرة أن تتدحرج في نصفها مرتين! عرفوا؛ غير أن التدابير أعقد من أن تدور الطبيعة في فَلك الاكتمال.
كل ما هو صعبٌ جدير بقوّتنا، نحن لسنا ظلالا فنمشيَ مشية زهر الظلال! إنما كالحجارة، نقرع رأس السكينة، نغرس في عينها بندقية شهوتنا. ونسير هنا وهنالك، نُجفل ظبي الجمال.. وأصابعنا بقع من رماد احتراق الخيالْ.
شجر.. شجر.. شجر…
عبر نافذة الباص أنت ترى شجرا يبتعد
ويلوِّح يأساً: توقف، فما لم نعلمّْك إياه حالا فإنك لن تتعلمه بعد أن تبتعد، لا تدعنا نغب في أقاصي الدروبِ، العدم.. نختفي للأبد
شجرٌ.. شجرٌ..
غير أن الذي ينظر الآن
أزهد من أن يتم الذي كان حيث انتهى
قد بدأ.