مدخل:
ذات أرجحةِ
ورطة الحنَّاء، الملتفَّة على ساق الريح الواحدة
.. .. ..
وحين مددتُ الروحَ..
زفرتُ، زفرتُ،
كل وجوه الإرث الآسن من مدن عَرافتها..
وشهقتُ..
شهَقنَ:
(ذاك الدأبُ الأشقر، ليس سراباً
ذاك تموُّج ضحكتها المخذول
ليس زفاف البذرة يا هذا
فالحيوات هنا
تخرج حينَ تشَقَّقُ نيتُها
والآهة تأخذ صوتَ مشيئتِها
والحزنُ، فصول)
……
اغضض شغبك
فإنّ الحكاية ترخي الآن فضاءها الأرمل
على غناء غجرٍيّ ممهور بالرحيل
والبُنيَّات يمشِّطن الهواجس
ينخلْنَ الحكاية عن غفلاتها
يؤجلن ثماراً ثمينةً
لئلّا تعلق بين فخاخ اللغة
وحيلتك الهشَّة
كقشرة الأرض قبل اغتصابها
كأغصان اللهفة
التي يقصٍّفها العناق
وأنتَ بلا أصابع
ذاهب لحفل ما لتنزف ليلك
اخفض ليلك
كما تخفض صويحبات العروس،
مقام النهر في لحنهن
أتعرف كيف تسوَّى الأهازيج بلا كتف
لترقص على الإيقاع عروس تميل روحها
فتنزلق آلاف الحدائق شائخة بعذرها
وتتهيَّأ لك واحدة
شيخوخةٌ
سيتساقط منها انكسارك؟
اخفض شغبك
البنيات يهدهدن طيش المخلوقات
يحبكنها خارج السهو
يمشِّطن الخلاء
ليبطلن الفخاخ التي
لن ينصبنها
.. .. ..
شيءٌ ما، فصلٌ لشيءٍ ما..
يجعل الشيء كالنوم الفجائيّ..
لا مفرّ منه حين تصحو
لا يُهيئ أيّاً من العلائق
شرانق الأسماء، قد تكون
الفخاخ..
……
أبدياً أُطالعك
كما الوَحدة طارقةً فوضى الخشبِ
برجَّةِ الصَّمت
الذي يجلسنا جميعاً
لكنَّها بحَّةُ الوقتِ يا بَاب
تمنح مصراعيك تأتأةً
تنحتُ العابرين
ليدخلو أشكالَهم
تعصرك حجة الوجهة المنتواة
تعصرك في امرأة
كما تعصرك جسارةٌ، ما
في خسارة النَّهر
تعصر بين كفَّيك رياحاً
تجفِّفُ عن نومك عصارات شَغبك
التي كالخلاء
وخاتمك الوهميّ، كطينةِ الشَّرخ
يدحرجنَهُ بناتك، على ضفيرة الأيَّام
فنمْ برفقٍ يا باب
ولا تُقلِق صفيرَ الأبَد
يُفْتَح الباب
يُفسَحُ للّيلِ
تنسلُّ الدقائق الجامحة
إلى ملمحٍ، يَشُدُّ أوّلَ الحلم
من فاقةٍ نقتفي عطرها
هكذا نحن أيها الباب
قديمون كمزلاج الأبد
المتدحرج في صدأِ القصد
وأنت يا المُوارب على عتمةٍ، تعصرنا
لتسكبُنا، نحو زفرة، رحيمة
لن تفلُتنا أبداً
أبداً، تفلت الحقيقة
كأنك منشغل برياح عابرة
لألَّا تعلقَ بالجهات
كأن انحناء الوشاكة نحوك
رحيل الجراح إلى ألقها
وكل طريقٍ أتاك
انكفأ
كلّ الذي مرَّ عبرك
كلَّ الذي مسَّ خوفك
يا باب
كلّ الذي ضاع “منك”..
إليك
التجأ
لتقشِّر عنك طلاء المنافي
نداءً.. نداء
بأحوالك يا باب
متأرجحاً
تمتحن اللحظات
بدهاءٍ عارٍ من اللغة
يتشاكَلْن، أمام الغفران
وخلفك
يجلدنَ بالصمتِ
نعيم الصوت المغشوش
ويحصد المكان أسماءه
حياةً.. حياة
يرجَونك آخر النهار
لتعْلَق بالمشهد
يختلَينَ بالفكاهة
ينفضْنَ عنها غبار النَّدم
والقصد المرتجف
اللَّاهث للكمال
كنتَ لتنمح زفيرك
عصاراتٌ عصيَّةٌ كانت
لتسَّاقط عن جبين الاعتراف
على تجاعيدك
التي تنتطفئُ عليها العيون
كنتَ لتنمح زفيرك كلّه
كنتَ لتغرق
لولا هروب المياه عن إرادة النَّهر..
لولا انهزام السادة وانزلاق الضمير،
على مخمل الخجل..
(تعال معنا)..
يصيحون كانهيار أخير
وكأنك مشغول بانسلاخ الفصول
ليدلف عاشقان خلف ثمرٍ مجهول
خلفك يا باب
وأمام عيون الله المبتسمة.
* شاعر من السودان