غوايات

يموتون في وقت متأخر من الليل

في آخرِ الليل
ارتدت قبراً
رشفت قهوة يمانية
أوقفت ابتسامتها على ساعة الحائط
وقررت الموت
لم تُخبر أحداً
كان القمر نائماً
ضوؤه يسيل على الشارع
القطط المشردة تموء خلف الجوع
تتهافت نحو ظل شرطي
يزيل الثلج عن عربة الحكومة
ويصادر الأدلة

تتعثر بقبلاتها الأولى
بأقدام فتيان المدرسة
والرجال الذين أحبوها
وحين رمت بجسدها
هالت الأشجار عليها التراب
برز قلبها كشاهد قبر
عيناها تنبت على الرمل
تراقب أوجاعها
وهي تتقاطر إلى المقبرة

غادر رجال المباحث موتها
واحداً.. واحداً
وتحدثوا عن غموض في خلفية المشهد
تسلل عبره القتلة
أراقوا مياه كثيرة على الحقيقة
التي سالت في الشارع
وأنبتت
أفواها وأعين
وكلمات
واحتجاجات
لقد ذهبت
وتركت رملاً كثيراً في عيون الذين غادرتهم
وعلامة ملل
في جبين أحد الأطباء
كانت سبباً كافياً لاعتزاله الحياة

حين وصل خبر موتها
كانت الغابات تلف ذراعها كحلوى
وتدرب سيقانها على الغناء
تهش الفجيعة على المداخل
لقد ماتت
ولم تقرأ الوصية المغلفة بقشر الرمان
نظرة واحدة إلى الجوعى
لتفهم أن كتابة الوصايا
رفاهية لا يمتلكها الفقراء
ماتت وهي تعلم أن وحشتها تكبر في الليل
وأن غيابها
يئن في الساحات
وكلما أراقت دماً
تنبه الوقت إلى خلوتها
أفسح البحيرات لخيالها
يطفو عليه الغرباء
المشيعون
الباكون
وتغلقه ورد المقابر.

زر الذهاب إلى الأعلى