ثمار

كلية الفنون: ريح تهدد المنارة

معارض الفنون الجميلة - ارشيفية

بعد يوم واحد فقط من تقديمها؛ قبلت إدارة جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، استقالة نائب عميد كلية الفنون الجميلة والتطبيقية وثمانية رؤساء أقسام يمثلون مجلس الكلية، كانوا تقدموا بها احتجاجاً على تعيين عميدٍ يرون أنه غير مؤهل لشغل المنصب.
الأساتذة المستقيلون، كانوا ضمن 22 أستاذاً بكلية الفنون، رفعوا في الثاني والعشرين من سبتمبر المنصرم، مذكرة إلى مدير جامعة السودان، يطالبون فيها بإعادة النظر في قرار تعيين أبوبكر الهادي أحمد، عميداً لكلية الفنون الجميلة والتطبيقية “حرصاً على سمعة وتاريخ الكلية ومستقبلها”، كما جاء في المذكرة. حيث استندوا على مواد من قانون الجامعة، لدعم موقفهم الرافض لتعيين الهادي في المنصب، خلفاً للعميد المنتهية ولايته، عمر درمة.
أول الاعتراضات على العميد الجديد، كان أن مؤهله العلمي لا يخوِّل له الترقي إلى مثل هذا المنصب وفق لوائح الجامعة، حيث تخرج بالدرجة الثانية – القسم الثاني، مما يجعله لا يستحق عضوية هيئة التدريس بالكلية، ناهيك عن الترقي إلى درجة العميد. هذا خلاف حداثة عهده بدرجة الدكتوراه التي نالها قبل أشهر، في حين تزخر الكلية بأساتذة ذوي درجات رفيعة وخبرات ثرة، يرى أعضاء هيئة التدريس المعترضون أنهم أحق بالمنصب وأكثر تأهيلاً له.
كذلك بينت المذكرة التي وقع عليها الأساتذة الذين يمثلون نسبة 70% من هيئة التدريس بكلية الفنون؛ اشتراط لوائح الجامعة التمرّس في العمل الأكاديمي والإداري، لمن يتبوأ منصب العميد، وهو ما يفتقر إليه العميد الجديد. قبل أن تذكّر المذكرة مدير الجامعة باتفاق تم بينه وهيئة التدريس في الرابع عشر من سبتمبر الماضي في اجتماع لمجلس كلية الفنون، مفاده أن يتم اختيار من يُجمع عليه الأساتذة عميداً للكلية، في حين يجمع الأساتذة حالياً ضد تولي من قدمه مدير الجامعة لمنصب العميد.
في اليوم التالي لتقديم المذكرة، 23 سبتمبر، عقب اجتماعٍ ضم مدير الجامعة بأعضاء هيئة التدريس، تقدَّم التسعة الذين يمثلون مجلس الكلية باستقالاتهم من مناصبهم الإدارية، على خلفية رفض المدير للمذكرة. ثم بعد يوم واحد فقط، في الرابع والعشرين من سبتمبر، تم قبول الاستقالات، وأُعلن أبوبكر الهادي عميداً للكلية، والأستاذ الذي رشّحه للمنصب، نائباً للعميد.
يبدو الوضع الآن منذراً باحتمالات يتخوف البعض أن تهز استقرار الكلية العريقة (أسست عام 1946)، حيث لم تشهد من قبل انقساماً بهذا الحجم، لاسيما أنها المرة الأولى التي يتبوأ منصب العمادة فيها من يرى زملاؤه أنه ليس كفؤاً له، كما أنها المرة الأولى أيضاً التي تتكتل فيها هيئة تدريس الكلية اعتراضاً على تعيين عميد، وهو اعتراض يمضي – بحسب بعض معارضي تعيين الهادي – نحو مزيد من التصعيد القانوني واللائحي عبر القنوات المتاحة للضغط على إدارة الجامعة في سبيل إزاحة العميد الجديد، انصياعاً لتقاليد الكلية.
مهما يكن، فستحمل الأيام القادمات ما يرجح إحدى كفتي الصراع، أو ستظل  المخاوف التي تجتاح المهتمين بكلية الفنون بوصفها أحد مراكز الاستنارة الباقية في السودان، معلقة في سماء الأحداث بين شد وجذب.

 

*كاتب وصحفي من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى