المسافر وظله
بين المسافر وظله نتنزه كي نمحو ما لا يزهر في الأثر. قد تصفو الأيام بك، تتخللك وتخترمك بسحر النبوة. تصعدك أيامك بشراكها، وتمسحك على السماء تحليقاً بأجنحة كولمبوس. أيام بمثل هذا الطلوع المثمر من نعوش اليومي، تنضح كالبتلات ولا تُزهر، تتنقى فينا وتتكاثر كالفيوضات، تندهنا كحقائب الشعراء الفارغة إلى السفر. أيام المسافر لا تعد. هي إشهار لإفلاس الأثر في جيوب الغياب.. هي للنداهة، للارتحال، للضياع بين المسافر وظله.
رقراق التيه
“إن رجالاً تائهين مثلي وجدوا مخلِّصهم فلم لا أجده أنا!؟”
غرزة هذا القول تطعن في خاصرة الطعم-
الحياة كطعم للدفء لـ:مارك توين، قائل هذه العبارة، وهو الروائي العظيم الذي كان يفتل حكايته من ماء الحياة الرمادية..
لمارك توين الخلاص، ولي ضلال وتيه بطول عمر سفينة نوح، وكأي كائن منسي على ضفافه الوخيمة، لن أسرِّب إلا عبر دلال النزوح، مطوق بحمامة الرؤيا وغزلان الشرود.
فأنا القاصي الوحيد، البعيد عن كل نجمة. هب أن النبوءة تؤشر للقاصي على كل ناصية، كي تعمد عبورات الخلاص،فإن (إبليسي) حتماً سيدنِّسُها بخطيئة العشق اللعون لكل ما هو أرضي.. إذاً، فأنا سادن البرهة العليلة-وليست القليلة بحسب تنغيم حنجرة أبو داؤود الشافية الظليلة.. عليل عليل أنا بوحي من همريب بادية العصب. [بادية العصب] تشتم فردوسها بداخلي ولا تتحسس، فهي ككل كلبة حرون تأبى جروها بدافع الصمت الهسهساس لا النباح.. فتلك بادية يعوي في فضائها عصب الكلمات مجرورة بلا نصب حروف المجاز، بادية مصروعة أبداً ودوماً بفزعات الهمبريب ونزوعات الهمباتة المجروحة بأطياف الارتحالات.
العطش المعاصر
حد الصحو الشارد، تبدو ضارياً (يا) ملاك، عاصياً في حجر النسيان.. بنصف إدراك، تهز مشلعيب الطفو الظنان، وبخفة العذب تبدو مشلعيباً عالقاً بمحض التحسس الحريف.. وخيمك المسالم يُروّب ما هو قانص في جوف العتمة.. الموسوم بك، بزر والتقاط، محواً عارياً، أو هكذا أنت دوماً تفوح بالأمومي، الرضاعة يا حليب، امتصاص عذب من شطر الحياة، انتزاع مترع برائحة رحم.. الإتراع الإتراع، كون الروح شوف وجوع، سابلة بالطيب والجرح، بالرغو الحالم.
* كاتب من السودان