غوايات

عدمٌ ما بيننا

(1)

أسألكم بحقيقة حرق المعاني

بجمرة الأرض المدنسة بظلمكم

أيّها العظماء في مباركة الغد المشروخ

أيّها العظماء بنواجذ الحكمة الضالة.

وبحراسة المطامير المشحونة باليأس والقبور،

والمسكونة بهلع التخمة وجوع السنبلة المسروقة.

فوحدكم من تحطمون طاولة المجالسة على رؤوس الشجر النائم،

ووحدكم من تجف مراياهم القاحلة في مسرح المخدوعين من لزوجة الحوار الوهم!

(2)

تركنا لكم النهب مشرقاً والتوابيت ظلال وصدقات وأبواب،

كلها تفكر في يا نصيب الرماد،

كلها تشغل اللحظة الموجعة بلا حيز طارد

وبلا أدنى ثقب تقبله الشظايا

وتعانقه هداة الأرواح،

ثقيل صدر النسيان على الصلاة

وتراتيل السهو،

وعصي مزلاج الدموع على فتح أسرار ضحايا اللهاث

والملائكة المنسجمين مع روث الحبر والورق الباهت،

تركنا لكم الزحام وهجرة الخيل الظافر بالظافر،

ولم نَعُدْ كما تشتهينا حقولنا المنسية،

لكنكم أهدرتم الغيب ونسيتم السؤال،

تعلقتم بأستار العمى وأشهرتم العدم!

(3)

لا تقولوا لنا،

ابذروا نجوى الوصايا على تلال المشيئة،

فلها خصوبة الرصاص ولغة الجدب،

أتبعوها بسياط الطحن ونباح القراصنة،

هي يدكم الوحيدة وقناع رسلكم،

هي ورقتكم الرابحة في قُمار البطش،

لا تدسوها،

فتحت موائدكم تنوء الفضائح فيها برائحة الجثث،

وفي صدركم نياشين الربو،

ونوافير النحاس

وفضة البرك الراكضة في الندم!!

(4)

حدقوا صوب سماوات على وشك الحزن،

فالبصيرة هامدة في حلكة الطين،

والعين مطفأة في لهب الجدار،

حدقوا..

حدقوا..

ولا تقولوا لنا!!

ولن نقول لكم!!

الأصمعي باشري

شاعر وصحفي من السودان
زر الذهاب إلى الأعلى