في الرمقِ الأخيرِ منَ الحب
في الرَّمقِ الأخيرِ منَ الحبِّ
كانَ يلوِّحُ لي بالحبيبةِ حقلٌ منَ القمح
جئتُ قُبيلَ الحصادْ
لا لأُعبِّئ سمرتَها في انفعالي
وَأبحرَ عكسي
ولكِنْ..
لمْ تكُنْ حبَّةً سقطتْ– والسلامْ-
فِي سديمِ الكلامْ
وَلا زالَ ينزفُني الحزن
يشربُ عمريَ في كلِّ عامْ
أنا ما أُحاذرُ أن لا أكون
وَما أدَّعي آخرٌ
يُقاسمُني شهقةَ الحبِّ في أوَّلِ العاصفة
وَيمتدُّ عبرِي لأقصى مضاربِ صمتي
أنشودةً راعِفة
وَصيرورَتي باتجاهي صلاةٌ
على حافَّةِ القبرِ ترمُقُنِي بِخطىً واجفة
أنا ما أُخبِّئُ فيما وَراءِ وجوديَ
كُنتُ هنالِكَ حيْث تعرَّى
وَكانتْ خيوطٌ منَ الشمسِ تغزِلُ
تنّوُرة للضبابْ
وَ(أنا) بمقاسِ احتضاري
وَأنا ما أهابْ
جِئت وَلمَّا أجيء بعدُ مِنْ زفرةٍ في أقاصي الغيابْ
تزفُّ الحقيقةُ شاعِرَها للمنيَّة مُنذُ ولادَتِهِ
-عندَما كانَ يصنعُ أغنِيةً للحياةِ-
وَيُولد ثانيةً ليُساقَ إلى ما يقولُ غمُوضاً
تماماً..
كما المُتنَّبي على صهوَةِ الرِّيحِ شكَّاً فشكَّاً
ماتَ طرفةُ منذُ قرونٍ منَ الحُبِّ والحربِ
والأُغنيات
وَلا زالَ بِكفِّ القصيدةِ وَشمٌ لخولةَ
يطرحُ ذاتَ التَّساؤلْ:
إذا كانَ لابدَّ لي منْ كفَنْ
لمَاذا خُلِقتُ إذنْ؟؟
“عُشرونَ شتاءً
ليسَ تكفي لكنْهِ الوجودْ
سمِّهِ مأزقاً و انصرِفْ”
هكذا خطَّها وَمضى
هكذا . .
بقيتْ لا تجِفْ
فلنَعُدْ قانعيْنِ
إلى حيثُ كُنَّا
وَكانَ المساءُ بلا قمرٍ
يشربُ الليلُ نسَّاكهُ في المساء
ربَّما يكفرونَ بهِ
عندَما يُسفِرُ الصُّبحُ عنْ حاجةٍ لإلهٍ جديدْ
فَيخلَعُ سامرُهُمْ ظلَّهُ
إذْ يقَرِّبُ جيفتهُ للغزالةْ
هكذا العاشقون . .
كلَّما لاحَ ضوءٌ مشوْا باتجاهِ مصارِعهِمْ يعمهونْ
هكذا يذرفُ القلبُ أغنيةً ليسَ يلعقُه غيرُهُ
فلنعُدْ حاسرَيْنِ
إلى آنَ لمَّا نكُنْ مُدركينِ
لِمَا سوفَ–عمَّا قليل-
يُحاصرُ أحلامَنَا بالرَّدى
وَيصبِغَ راياتِنا بالجنونْ
ليْسَ للحُبِّ أجنحةٌ تكفِي
ليُحلِّقَ خارجَ سربِ قصيدّتِهِ
وَلا ينبغِي للحبيبةِ أنْ تتسَرَّبَ عبْرَ المجازِ إلى خِدْرِها
وَليْسَ لِشاعِرِها أنْ يكونْ.
*شاعر سوداني