ثمارغوايات

سهرة النصف الأخير

حسن البعيد

في مَشهَدٍ رسَمَتْهُ في وَرَقِ المَحاضِرِ ذاكِرةْ،

كانت سُلطةُ الأحلامِ غائبةً

أمَّا في الدَّواخِلِ حاضِرةْ

وليْسَ من حِلمٍ ولا صَحوٍ حَضَرْ،

كانت سِيرةُ الأطيافِ ماثِلةً

ولكن مِثلُ سُلطتِها

غَرِيبٌ يا زماناً لا تُشاهِدُها الحَقيقةَ عارِيةْ،

غَرِيبٌ .. لا تُشابِهُها معاني الإرتِحالْ،

قلبٌ علَى سَفَرِ الهَوى

قلبٌ يَكادُ من التَّساؤلِ أن يذوب

يرتابُ من لونِ الحقائبِ ريثما يَوماً يَؤوب

ولربما يوماً يَضِجُّ بِنَبضِهِ،

وَمضٌ يَشِفُّ بِوَمضِهِ،

صَبرٌ تَضاءلَ من حَنِينٍ من شَجَنْ،

نَفَسٌ تَلاهَثَ كالقَصيدِ يَرومُ دَوزَنَةً ويُلحِفُ في مُناشَدَةِ المواعيدِ الحَفِيَّةِ تارةً،

هذا المَسامُ تَحَجَّرتْ أبوابُهُ

وطَبِيبُهُ قد عادَ يَرعَى دُونَ أوجاعٍ ضَياعْ،

كم أثقلتْهُ بِالمشاغلِ دَورةُ الأيامِ بِالقَدَرِ الذي لا يُستطاعْ،

وَطنٌ على لُجَجِ الحَوادِثِ مُبحرٌ

مَوجٌ تقاذَفَهُ ..

تقاسَمَهُ الرَّصِيفُ فما بَكَى

جَلِدٌ وصَبَّارٌ علَى حالِ الحَبيبةِ من وَلَهْ،

يا سَعْدَها جاءتْ تُردِّدُ مَقطَعَينِ بإنتشاءْ

لكنَّها لما تداخلتِ الرُّؤى

سَقَطتْ ومَغْشِّياً عليها من رُجوعِ الوَرْدِ لِلقحطِ الجدِيدِ

فما تدافعَتِ المياهُ من العيونِ

ولا تَفجَّرتِ البشاشاتُ الصَّقِيلةُ بَيْنَ خَطِّ شِفَاهِها

فيا خُضرةَ الوادي البعيدِ

متى تَرِنُّ هواتِفُ المَرْسَى لِتُعلِنَ عن وُصولِ كِتابِ أفراحِ التُّرابْ

فلا تَسَلْ يا صاحباً عَمَّا احتَوَتْهُ سُطورُ أوراقِ الكتابْ ..

إذ لا يَهِمُ إذا اقتنَيْتَ مِساحَةً

فالمَوْعدُ المَوْعُودِ جاءَ بِثالثٍ،

قُلْ عَاشِرٍ،

أو عاشِقٍ

أو ما تَضاعَفَتِ السُّويْعاتُ البطيئةُ عندها

وبِذاتِ إحساسِ الضَّنَى،

في حالةٍ قالتْ وَكالاتُ الخَيالِ بِنارِهِ

صَمتاً يَرِفُّ على مَنابرِها

ويَدعُو سَهرةَ الأوجاعِ لِلنِّصفِ الأخِيرِ

ولا يُجمِّلُ موْقِفاً،

مُتأسِّياً،

بل يَعتَريهِ حَالُ خَوفٍ من ضَياعاتٍ على مَسرَى الشِّغافْ،

فَتَحَتْ شِعابُ الرُّوحِ مَشهَدَها

فإنْتَصَبَتْ شَرايِينٌ بِلَحنٍ

ثمَّ إعتدَلَ الهِتافْ.

* شاعر من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى