ثمارغوايات

البلاد التي يجفف أحزانها الله

هيفين1

البارحة رأيتُ أصابعَ الهواء

تنسجُ حُباً يتيماً في بلادٍ

لم تنم بعد

في الخامسة مساءً

بُترَ قلبي في شارعٍ

راقص بدون خوذة

البارحة كنتُ

أتخطى الجثث المحروقة

بقصائد تُرمم ما بقي مني

بعيداً عن سواتر الرصاص الغادرة

أتمسكُ بسقفٍ إسمنتي

وبسعادةٍ أواصل الزحف وأصرخ من بعيد

أريدُ حياةً جديدة …

أشتَمُ رائحة الذكريات المشوية

فيتقشرُ الحنين الملفوف حول عنقي

و تلتصق القصيدة بي أكثر

كُل الجثث التي عَبرتُها

تبحثُ عن سّطل ماءٍ

تختفي فيه وتنطفئ

البارحة لم تنتهي أبداً

والمسافات البعيدة تنبحُ وحدها

حينَ أَمرُ بين أجزائها ومقاطعها الواضحة

ولا أكترث للمعارك الكبيرة والنقر هُنا وهُناك

أتحسسُ قلبي كما لو أنني  أتحسسُ جيوبي

وأكترثُ لتلويحةٍ صغيرة مُلقاة

تحت إطارٍ مطاطي لإحدى السيارات

لا يهمني  التلف العام

ولا سُعال الصناديق القديمة التي تمتلئُ بكل شيءٍ

كما لو أنها رؤوسُ قادة حربٍ فارغة

في الخامسة مساءً

وأنا أُمسكُ جواز سَفري على رصيفٍ لبيع الكُتب المستعملة  صوتُ ضجيجٍ ينفجر … !!

الكُتب تشتعلُ بأفكارها ومؤلفيها

وأنا و جوازُ السفر يُغطينا الغُبار  والرماد

أما البلاد التي أُنتزعتُ منها

البلاد التي لا تزالُ

تتراكضُ  في كل الاتجاهات

يُجففُ أحزانها الله كُلما

رَمَى القاتلُ حُصاةً في طريق المقبرة

وكلما صَرخَ الصعاليكُ في وجهها

في لحظات نَحر المذبحة

* شاعرة من سوريا

زر الذهاب إلى الأعلى