غوايات

ضلالُ السادية ووصفُ الفصلِ الخامس

| أن تتنفسَ جمراً فتختنقَ بنْفّسِك |

يأتيك بما لا يأتيك به غيره | هذا الموقد الذي تتقلب عليه | جمرةً في ضياع سكينتها | في سفرها البريق إلى الرماد | جهنمك المتيتمة من كل من سواك | الفريدة المستفردة المستديمة المستوقدة | كأن لم تجد غيرك غنيمة فاجترتك | في التآكل المثابر المتواتر | وأنت لا تفرغ من نفسك ولا تتفتت عدما | تدمن إدمانها على شظاياك فتتناثر أكثر | لتلتهم أشلاؤك أشلاءك | يأتيك بما لا يؤتيه لغيرك | وإن أتى فأنت في عذابك أوحدُ | كأن لم يأتِ من العدم سواك | يأتيك بشعرها | أسلاك الغياب الشائكة | يأتيك بجبينها | بلآلئ الندى وما تنساه ظهيرة على وجهٍ حسبه الطقس وردة | لم تقطف من رحيقها سوى الشوك | يا نحلة تطن في أذن العمى | في بعيدك أنت | ولا يذكرك الصيف إلا حميمية إمساك بعضكما لعرق بعض | ليل يمتزج بصوتها نبيذ ارتوائك | اظمأ في جحيمك الآن | وهذا الحنين يقلبك على جمر الفقد | فصلاً خامساً لسنة في عداد النسيان | شقيق الصيف في تنفسك للجمر في طقسه | زوج الشتاء في إنجابه للكآبة | ابن الخريف في ذبوله كآلام الروماتزم | صديق الربيع في احتضانه المتلهف للغبار | لكنه يأتيك بها | في كل ابتعادك نائياً عن صهيل ما مضى | إلى الأنخاب والأصحاب وما يطفئ الأهداب | لكنك ما ليس سواك | تهفو إلى ما ليس سواها | تتوه عن النسيان | كلما ابتعدت عن الهاجس ازددت التصاقاً بكما | يمطر الفقد سواطيراً | تـ | تـ | شـ | ظـ | ـى | أكثر | صهباءً في السادسة عشر تحك الوتر الأخير من الكمان | يفتح الوجد باب سردابك الأعمق | ويسرق آنك بالذكرى | تشوي على الجمر قلبك ولا ينضب | ينبض | لا ينضب | ينبض | لا ينضب | ينبض | لا ينضب | ينبض | لا ينضب | فتيأس من استوائه | نيئاً بما سبق البتولة فلما انتهاها بدا وما نهى | فوالله إنك لفي ضلالك القديم.

القاهرة – ٢٠١٠

حسام هلالي

كاتب وشاعر من السودان
زر الذهاب إلى الأعلى