ما الحياة (1)
فكر معي ، ساندني ، أنت شريكي في الحياة/الورطة. لست مجبراً أن تفكر بطريقتي ، نحن لا نملك نفس العين ولا نفس التراكمات النظرية ، نحن مختلفان و لن نتفق أبداً .. لأننا (تجربتين ، مختلفتين ) في معمل ضخم.
يحضرني هذا الخاطر يومياً في العمل و نحن نصطف لتسجيل حضورنا (بالبصمة ) .. هذا يعني ببساطة أن الذي لإنسان ( من كل ناحية) لا ينطبق على البقية. إذا لي الحق في تكوين إجابة تخصني، أقدمها لك كملخص عني ، و لي الحق في أن تناولني إجابة عندما أسألك .. طالما نشترك سوياً في آلية الحياة و ربما سنتصادف.
أنا ما زلت حائرة و تقتلني بساطة المعطيات و المعادلة ، ( كل نفس بما كسبت رهينة ).. فأما الذي لم يؤذ سوى نفسه..بأي كفة هو؟ أفكر ، فلا أفئ لشيء ، لا أصل أبداً .. فأصاب بالوهن . ما الحياة ؟ ما الحياة ؟
و نحن مجرد أشياء /أجسام صغيرة تافهة .. تائهة. من كافة الزوايا .. أتخيلنا جميعاً بكوكبنا .. فأصاب بالإحباط. هذا العقل الجميل ، مهيأ لتضخيم الذات ، لتمجيد بعض المبادئ ال…تافهة ، سلطته مطلقة ، دورانه بالأفكار ، الخوف، الغضب ، الضعف ، العطاء المسؤولية، العبادة.. الخ .. يمنح الوقت معنى ، و الأشياء الصغيرة فرحة الوجود حوله.. لأنه منحة الخالق العظيم لهذا الجسد التافه الذابل. أنا الآن عالقة ، بعقلي ، في جسد أنثى قلقة ، كثيرة الحب للموجودات الأخرى ، تتلاعب بي العواطف ، بنات الوجدان ، مميزات الجسد الأنثوي الهش ، في البلاد ال…ملحوظة : لم تعد البلاد مبدأ.
فوضى ، أسطوانات خربة ، نفس المزالق لكل أربع و عشرين ساعة ، إلى أين نمضي ؟
لاحظ توتري..فكر معي أخي الصغير يسأل : ما وحدة قياس الزمن ؟ يقول هو بأنها الساعة و أنا أؤكد بأنها الثانية .. هو لم يشعر بعد بفداحة الوقت و أنا التي يؤلمني إضطراده في كل وحدة تمضي منه في شكل إحتشاء صدري.
فنحن مجرد أجسام تافهة ، منحت قدرة الحركة والتفكير فاستعلت ، ما أن نستوي قليلاً لنفهم الطبيعة حتى تغالبنا ما نسميها جزافاً بالفطرة .. و ننسى بصمتنا الداخلية فنستغرب تصرفات الكثيرين و ربما نغضب لاختلاف استجاباتهم، و قد تسوؤنا ملامحهم نفسها و ما يبديه الوجه، البصمة الخارجية. في دوراني معهم ،لا يهمني القول ولا الفعل ، و لا القلب ، هو ليس لنا تماماً لذلك لا يهمني ولا حتى تفضيلاته .. تهمني التي لا ترى ، النوايا. كون العين ، مصباحها ، مائدتها، أمورها، مداركها.. أحقيتها بالعواقب كلها .. العين تهمني. و لكنني لا ألوم ضياعنا هذا في الوقت، فهو رداء ضيق لأمانينا السمينة، ولا أبخس الناس أنهم يجاوبون على أسئلتهم التي لا يعرفونها أساساً ب(الحياة) نفسها.. و لا ألوم جهلنا ، (ظلوماً جهولاً ) ، فمهما حاولنا ، في الصعود ، لن نتعدى البرنامج الداخلي ، و ما منحنا من مدى، لأننا تافهون ، نحن حيز لإدراك اللم يدركه الآخرون .. و أقصد بهم من يتعلمون الحكمة بنا. و لكن ، عندما أنضجت النار الطين .. بثت الشهوة .. بكل مفاهيمها ، لذلك نحن نهمون لأتفه الأشياء. و صغيرتي تبكي.. لاحظ حيرتي بها! دائرة لا تكتمل من المواليد .. ربما سنظل موعودين بقيامة لا تأتي أبداً .. كل نهاية بها طمأنينة .. إلا هذه. سنظل نتكاثر و نموت .. نتكاثر و نموت ، لكن في جنة الخلد ، سنظل نحن فقط .. أبداً.. منعمين مكرمين. لأننا عندما بثت النار سم الشهوة في الطين الني .. و عندما أصبح جزء منا .. عرفنا كيف نعيش و نحن نحاربه .. كأننا خلقنا لنحارب عدواً خفياً يضايقنا كل لحظة .. عدو يجعلنا ننجب و نتكاثر و نتكاثر.. دائرة لا تنتهي. أجسام تافهة بشهوة خبيثة .. من كافة الزوايا، أنت محاط بك تشعر بهذا، فتنشغل عن الموت ، السلم الوحيد لمكان عال بلا رغبة ، و الذي تظنه بجهلك أنه نقيض للحياة وهو امتدادها ..أفكارك مراقبة ، تصبح حريصاً و لا تحاول الصعود بكثرة ..سوى ببعض الأحلام القافزة .. أيها التافه.. تمن كل شيء ، لن تحصل على شيءأما أنا، بكل هذه الحيرة ، كبذرة ألقاها الله في الفراغ ثم تركها لتتعلم وحدها الإثمار، أذبل ، أخاف علي و عليك ، كنت أنظر لطفلتي و أتألم .. يوجعني جداً أنها قد تخطئ ربما .. فيغشاها البطش .. لكننا جميعاً سنلقاه خالصين من الأفضل أن نعاقب أنفسنا، لنشعر بالرضا أكثر .. خير من أن نذنب و نشعر بالذنب ، ثم نرجو الغفران و ننسى.. مؤجلين عقابنا الذي نستحق مع انتظار الرحمة.. من الأفضل أن نعاقبها الآن .. و أن نحرمها ، و نؤلمها .. لأننا قد نشعر بالصفاء.. و الحرية. الحياة إذا نضال الذات مع مكوناتها ، لتحقيق الثبات و الاتزان .. الحياة تحقيق لطبيعة الجسد البسيط، ترويضه ، موائمته مع بصمات الآخرين الداخلية ، تمدد في كافة الاتجاهات دون المساس برضوى الخالق ، الحياة أن تكافئ نفسك بالرضا إن أحسنت و أن تعاقبها إن أساءت .. كتسوية مع نفسك لتشعر أنك (حي).
* كاتبة من السودان