المثقفون و دورهم في النهضة الثقافية
“بسواعد الشباب تبنى الأمم”، هذه المقولة كثيراً ما تتردد بذهني كلما سمعت ، شاهدت ، أو قرأت عن بعض الممارسات الخاطئة التي تقوم بها فئات محسوبة على الوسط الشبابي لأبناء وطني ، فأتساءل ببراءة أين هم الشباب من تِلكم الأدوار المناط بهم القيام بها للنهوض بالبلاد و تنميتها , ماذا أصابهم و هم النواة الفعلية لبناء مستقبل هذه الأمة الفتية ، بالإضافة للعديد من علامات الاستفهام التي تجول بخاطري بين الفينة و الأخرى فلا أجد لها إجابات.
ما شدني اليوم لكتابة هذا المقال هو سماعي للعديد من الممارسات الهمجية التي تقوم بها فئة محسوبة على الوسط الشبابي من تأجيج للنعرات القبلية ، و السعي لخلق الفتن بين كافة مكونات المجتمع الجنوبي ، ناسين أو متناسين أدوارهم الأصيلة في خدمة قضايا المجتمع المختلفة عن طريق البحث عن الحلول الممكنة لها عبر الأنشطة الثقافية و الندوات الاجتماعية التي تهدف إلى تحليل كافة المشاكل التي تواجه مجتمعاتهم و العمل على عكسها لعامة الناس و ذوى الاختصاص للنظر في كيفية التخلص منها و استئصالها من جذورها.
المعروف أن الشباب في كل دول العالم هو العنصر الفعال دوماً في النهوض بتلك البلدان والشعوب ، من خلال أفكارهم و أعمالهم نتيجة لما يمتازون به من قدرات عقلية عظيمة ، و طاقات بدنية تمتاز بالمرونة و الحيوية , وهو ما دعى الناس لإطلاق المقولة الواردة أعلاه إيماناً بتلك القدرات المهولة لهذه الفئة المميزة عن سواها من الفئات العمرية الأخرى في المجتمع.
أما عن الشباب في دولتنا فحدث ولا حرج ، فمنهم من يقضون جل أوقاتهم في الهرولة خلف أوهام لا طائل منها ، و آخرين يقضون على فحولتهم و فتوتهم باحتساء السموم الكيمائية المصنوعة في المعامل الغربية و الإفريقية دون حتى محاولة النظر للغرض الذي ابتعث من اجله للأرض من قبل البارئ أو حتى محاولة معرفة أحلام أسرهم وأمالها فيهم في الحياة و الآمال العريضة التي وضعت عليهم بعد ولوجهم لهذه الفانية ، إلى أن حلت علينا الطامة الكبرى المتمثلة في الحرب الوهمية ذاتية الإغراض من قبل البعض فانغمست فئة منهم في إشعال نيران الفتنة و القبلية حتى في الوسائل المعروفة عنها إنها اجتماعية كالفيسبوك و غيرها ، ليعكسون الوجه القبيح للقبلية في أحدث دولة في القرن الحادي و العشرين.
أفيقوا إخوتي و التفتوا لأدواركم الأساسية المتمثلة في الرقى بالشأن الثقافي بالبلاد و حماية كافة الموروثات التي آلت إلينا من إسلافنا , فانتم حملة الراية و واجب عليكم أن تكونوا ناضجين كفاية لمحاربة كل العادات الضارة بالمجتمع و الإنسانية ، و رتبوا لمستقبل مشرق لوطن انتم قادته المستقبليين ، انبذوا النعرات القبلية و نظفوا الوسائل الاجتماعية من قاذورات الغسيل المنشور فيها ، و أعملوا بهمة من أجل بناء وطن قوى بسواعدكم وطن يسع الجميع بلا تفرق ولو كانت عدد المجموعات الثقافية ألف و ليست أربعة و ستون كما يقال ، فالمثل يقول: “إذا تطايبت النفوس فالفنجان يمكن أن يسعنا جميعاً ناهيك عن أرض عامرة بالمساحات الشاسعة و الخيرات العظيمة التي يحسدنا عليها القاصي و الداني.
إخوتي الكرام أنتم نواة لمستقبل زاهي و مشرق , مفعم بالنجاحات العظيمة في مختلف المجالات ،بالإضافة لكل ما نمتاز به في هذا الوجود و المحيط الإقليمي حولنا تميز ثقافي و تراثي نادراً ما توافر في بعض البلدان ، أنتم شعلة النشاط لبناء الأمة و شعاع الأمل للنهضة الثقافية لهذا الوطن الشامخ بكم و بأفكاركم و طاقاتكم ، و لنتذكر مقطعاً من أغنية يقول مطلعها “أمة للمجد و المجد لها وثبت تنشد مستقبلها .. لحظة نادت فتاة حرة و فتى كي يحملا مشعلها” و لنتأمل فيها قليلاً لنعرف قدر أنفسنا و نعمل على ترسيخ مفهوم الشباب صناع الأمة و التاريخ ، و هنيئاً لأمرىٍ عرف قدر نفسه.
* كاتب من جنوب السودان
* نُشرت هذه المادةتزامناً مع ملف الموقف الثقافي الذي تصدره جريدة الموقف الثقافي بجنوب السودان.