المزالق: في الروح والجسد
غفا الطيرُ
والوردُ لَمْلَمَ بهجةَ العطرِ من حقلِه النهاريّ
والماءُ في النّهرِ صدّقَ عُزلتَه فحَسَا
والشتاءُ الجحيمُ نما
والخريفُ سَهَا فجأةً، عندما أمطرت غيمةُ اليأسْ.
والصيفُ تنحّنَحَ بالبابِ مستأذناً غفوةَ الظلِّ في شجر الاغترابْ.
وطفَا الليلُ في الروحِ
حتى انحدرنا إلى سفحِ هذا الظلامِ الكئيبْ.
على كُلِّ جوعٍ، لقد تمترسنا في الأنويةِ بالطولِ والعرضْ
وعلى كُلِّ جوعٍ، غذاءُ الذي باعنا للمتاهاتِ
درَّبنا أن نلُفَّ على بعضنا وندور.
وعلى كُلِّ حالٍ، هنا لم نعُدْ بعضنا
ذهبنا إلى غايةٍ في تفاصيلنا الشائكةْ.
وانكفأنا نلمْلِم الحزنَ في عِبِّنَا
ونذْرو رمادَ شظاياه في أبيضِ الروحِ والقلبِ والذاكرةْ..
فمعذرةً يا هوى
لم يُحالفنا الحُبُّ، كي نقرأ اللوحةَ من زاويةِ الآخرِ الضَّدِّ لا الآخرِ الـ(معَ)
فبماذا نُنمِّي الكلامَ البسيطَ إذا الشوقُ بعْثَرنا في خلايا المسافاتِ؟
وعُدنا إلى ذاتنا في مساءِ التذكُّرِ
نرجو الحنينَ بدونِ الحنينْ؟
وبماذا سَنسْقي فِرَاشَ أحلامنا دون أنْ يعطَشَ الغَدُ
من وَحْشَةِ الدربِ ونحنُ نسيرُ بمُفردنا
في الطريقِ المُؤدي للصمتِ والانحسار؟
أيها الحُبُّ
علِّمنا أن نُصدِقَ أحزاننا بغيرِ تأسُّف
لا نُصدِّرُها لأحدْ.
وأن نغْفَرَ -منْسَجِمينَ مع الأنبياء – لمنْ تركونا، لأنَّا اقترفنا الأذيّاتِ
من غيرِ قصدْ
بنُبلِ الُمحبينَ، نبكي على الفرحِ الذي سنكْسَبه دونهم
أيها الحُب
أنت لطيفٌ، فالطُفْ بنا من خرابِ النُّفُوسِ
بكُلِّ مسام الحقيقةِ جِئْنا
إذا نحن لم نتَّعِظْ من صغائرِ أخطائِنا
أو تمادينا في الغُفْل
أنت لطيفٌ كشَقْشَقةِ الطفلِ وهو يَمُزُّ الحليبَ البُدائيّ من أمِّهِ
أنت لطيفٌ كشِعْرِ الرذاذِ الذي يتساقطُ من جنْدَلٍ يرْفِدُ وشلاً صغيراً
فعمِّدَنا بيقينٍ بسيطٍ
وذرنَا نُحاور الأخضرَ الآدميّ فينا، بما وَسِعَتْ دولةُ الدَّمِ في الطينِ نحمِلُ أعباءَ هذي الحياةْ…….. آمين..!!!
* شاعر من السودان