غوايات

يُتم

حينما عم الخبر أن الرجل الوحيد المتحكم في دار الأيتام الخاصة بالبنات، كانت تنتابه ثورات غضب فيبدأ عشوائيًا أو انتقائيًا بصفع أول يتيمة يقابلها، استهجن الناس فعلته، فاشتد به الغضب وصار يشن حملات صفع يومية على فتياته، إلى أن أصبح الأمر طقسًا يوميًا محببًا للرجل، يقدسه أكثر من قدح قهوته الصباحية، لكن سرعان ما تغير الأمر، لا أحد يدري كيف حدث ذلك؛ صار الأمر طوعيًا!!!

فأصبح الرجل يطلب يوميًا فتاة ليصفعها، ليُبين للناس أن الفتيات يقمن بذلك عن طيب خاطر. المدهش أن فتياته لم يخذلنه، فكُن كل صباح يخرجن في موكب زفاف مهيب تتقدمه عروسة النيل التي كانت تُقدم قُربانًا لتصفع في كامل زينتها، ورويدًا رويدًا صار الأمر مدعاة للتفاخر بين الفتيات، كُن يتفاخرن بعدد الصفعات التي تلقينها على يده السخية، من منهن نالت أقوى الصفعات، وكانت قوة الصفعة في الميتم هي المعادل الطبيعي لدرجة العطف الأبوي، واقترحن احتفالًا سنويًا يقام على شرف تلك التي استطاعت أن تجمع أكبر عدد من الصفعات في السنة، أما البطريرك السخي فتكفل بتمويل ورعاية الاحتفال السنوي وكان يشرفه بالحضور.

ففي كل ميتم كانت هناك دائمًا فتاة جاهزة للصفع، تعلمون ذلك.

 

 

أبوبكر عبد الرازق محمد

كاتب وصحفي من السودان
زر الذهاب إلى الأعلى