ثمار

محمد المكي إبراهيم.. أوبة شاعر الجيل

محمد المكي

ضمن فعاليات الدورة العاشرة لمعرض الخرطوم الدولي للكتاب، استضاف مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بأم درمان، أمسية الثلاثاء 7 سبتمبر، الشاعر محمد المكي إبراهيم (75 عاماً)، في قراءات وحوارات مع الحضور.
الليلة التي اكتست أهميةً بسبب المكانة التي يحتلها المكي في المشهد الثقافي السوداني؛ حملت إعلان شاعر “أمتي” أوبته النهائية للاستقرار بالسودان بعد سنوات قضاها في العمل الدبلوماسي ثم مهاجراً في الولايات المتحدة الأمريكية.
صاحب نشيد ثورة أكتوبر 1964، استعاد شيئاً من روحها في حديثه عن معاناة الشعب السوداني وضرورة رد جميله على الأجيال التي تعلمت على حسابه، وهو منها، بالعمل على دعم استقراره وأمنه. قبل أن ينفي بشدة ما راج عن قدومه إلى السودان بدعوة من وزارة الثقافة للمشاركة في فعاليات معرض الخرطوم الدولي للكتاب، مشدداً على أنه جاء “لزيارة العائلة والعيش بين أبناء وبنات الشعب السوداني”، مشيراً إلى أن دعوة المشاركة تزامنت مع استعداده للسفر إلى السودان فقط لا غير وأنه لا يشارك “على نفقة أي إنسان”.
لم تبتعد مداخلات الحضور عن الهم السياسي، وإن لم تغفل الجانب الأدبي كذلك، فسئل محمد المكي عن مدارس الشعر، والهجرة، والحرب الرسمية على الثقافة في السودان، وجيل ثورة أكتوبر، والتضييق الأمني على الشعراء، وتجربته في كتابة الرواية، وعن انفصال الجنوب.
ردود المكي انطلقت من موقفه المعروف عنه كأحد أعمدة تيار “الغابة والصحراء” الذي يدعو إلى تعايش المكونات الثقافية وتمازجها في وسط حر، إنساني، متقبل للآخر، وهو ما أبداه بوضوح أكبر حين الحديث عن انفصال الجنوب وعن ظاهرة الهجرة الكثيفة للمثقفين السودانيين كرد فعل على سوء الأوضاع داخل السودان.
كذلك حين حديثه عن تجربته في كتابة رواية “آخر العنابسة” التي نشر منها فصلين في مجلة “الخرطوم” منتصف تسعينيات القرن الماضي، برز من جديد وجه رائد “الغابة والصحراء” عند تبريره لإيقاف نشرها بخوفه من سوء استخدامها في الصراع الإثني/الثقافي المحتدم في تسعينيات القرن الماضي، بوجهه الأشد قسوة: الحرب الأهلية. إذ تتخذ الرواية من سيرة “المك نمر” (ت:1825)، زعيم قبيلة “الجعليين” التي تعد مركزاً للهوية العربية في السودان، في رحلة خروجه إلى منفاه في الحبشة؛ نموذجاً يحاول المكي القول من خلاله إن اختلاف الديانات والأرومات لا يمنع تعايش الناس مع بعضهم.
في الليلة؛ قرأ محمد المكي عدداً من قصائده التي ألهمت جيلاً كاملاً في الستينيات، ابتدرها بنشيد ثورة أكتوبر “أكتوبر الأخضر”، الذي ردده الحضور معه، ثم “مدينتك الهدى والنور”، ثم قصيدته الأشهر “بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت”.
يذكر أن لـ محمد المكي إبراهيم إسهام كبير في حركة الأدب في السودان، إذ صدرت له دواوين: “أمتي-1968″، “بعض الرحيق أنا والبرتقالة أنت 1972″، “يختبئ البستان في الوردة 1984″، “لا خباء للعامرية 1988”. وكتب: “ظلال وأفيال”، “الفكر السوداني أصوله وتطوره”، “في ذكرى الغابة والصحراء”، إضافة إلى عدد من المقالات.

* كاتب من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى