ثمارغوايات

ألْوَاحُ الرَّعْي

محجوب كبلو

فَتَحَتِ الشَّمْسُ نافِذَةَ الغَيْمِ
وجفَّفَت قَمِيصِيَ لِلْمَوْعِد.

 

«الأظَافرُ نوافذ»؛
ما قَالَهُ الطِّلاءُ الأخضر.
«الجَّسَدُ قَلْعَة»؛
ما تَقُولُهُ الهاويةُ
بينَ نَهْدَيكِ
وسَطْحِ البَحْر.

 

طوالَ اللَّيلِ
أَصْنَعُ الأفخاخَ
للفئرانِ التي تَلْتَهِمُ
يَرِقَاتِ الغَد.

 

البَرَازِيلْيَا والهواءُ
يُزَيِّفانِ خَطَوَاتِكِ،
فَأُحَدِّقُ في مَمَرِّ اللَّيْلَة،
وإذْ لا يَتَدَحْرَجُ مِنْهُ تَسَلُّلُكِ،
يَحْتَرِقُ بي فِرْدَوْسٌ صغير.

 

مُزْهِرَاً يَتْبَعُنِي الفَرَاش،
وأَنِيقَاً كالشَّيْطَانِ الذي
ألْقَى إلى الأرضِ كُرَةَ القَدَم
كُنْتُ في الطَّريقِ إليك.

 

كانَ سَيِّدُ المَاءِ في كاملِ أناقَتِه:
السّتْرَةُ السَّمَاوِيَّةُ،
المِنْدِيلُ الأحْمَرُ،
عَصَا الطُّحْلُبِ،
وقُبّعَةُ النُّعَاس.

 

في رُكْنٍ قَصِيٍّ،
الحَدَّادُ الخَفِيُّ
يُصْلِحُ مَيَازِيبَ المَطَر،
ويَسُومُ بِجَانِبِ ذلك
العِلْكَةَ والدُّخَانَ
وأَصْنَافَاً أُخْرَى لها لَوْنُ الرُّوح.

 

كانَ مِنْ أيَّامِ الآحَادِ،
ولكنَّهُ الوحيدَ الذي ظَلَّ يَنْزِفُ أزهاراً
في مُفَكِّرةِ العَام.

 

قَمَرُ لَيْلَتِنَا،
ثَمِلاً؛
وقَدْ عَبَّ نِصْفَ ظَهِيرةٍ سُودَانيَّةٍ،
يُتَوِّجُ دَرَاوِيشَ طَبَاشِيرِيِّينَ
بُونَابَارْتَاتٍ وفَهَارِرَ مِنْ تُرَّهَاتٍ،
ونَفَانَا هكذا حَافِيَيْن.

 

كُنَّا نَهْدِمُ جُسُورَاً بينَ الفَرَادِيسِ،
نُلَوِّنُ زَغَبَ الثَّوَانِي
بِتَافْتَاةِ قُبُلاتِنَا،
ونَرْقُبُ أبْرَاجَاً مُؤَقَّتَةً
في مِيَاهِ اسْتِحْمَامِكِ،
ثُمَّ نَخْرُجُ حَذِرَيْنِ
لاقْتِنَاصِ أَقْوَاسِ قُزَحٍ الحَيَّةِ
المُتَنَكِّرةِ في أَرْدِيَةِ السَّحَالِي،
ونُلْقِي شِبَاكَنَا على الرَّخَوِيَّاتِ المُلْتَصِقةِ بِقَاعِ المُوسِيقَى.

 

تُلَقِّنِينَنِي اسْمَك
وأُلَقِّنُكِ أَبْجَدِيَّتِيَ الرَّعَوِيَّةَ
مَنْقُوشَةً على جِيرِيَ الحَيِّ،
تَطْفُو فَوقَها أحذيةُ مَعَزِي،
خَلْفَ صُلْبَانِ عُشْبِي.

 

أَسُوقُ مَعَزِي حَافِيَةً
على دَرْبِ جِدَائِكِ،
إلى تُخُومِ المَجَرَّةِ
قُرْبَ رُمُوشِك.

 

تَنْظُرِينَ
فَأَكْتَظُّ بالألوانِ كَمُدَرِّسٍ،
وأَحْتَشِي بالنُّزْهَة.
رَاعٍ،
هَاذٍ،
مُقَدَّسَاً،
مُوْكَلاً بِغَسْلِ القَنَافِذِ
وتَجْفِيفِ الهَدِيل.
تُغْمِضِينَ جُفُونَكِ
فَأَطِيرُ مِن نافذَتِكِ
عِفْرِيتَاً مِن غُبَار،
آتِي البُيُوتَ الوَاطِئَةَ شَهْوَةً
مِنْ دُونِك،
في جَبَروتِ الوَطَن.

 

*كاتب من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى